لعل من أعجب ما يلاحظه المتصل بالمسرح المصري في العشر
سنوات الأخيرة اتصالا وثيقا أن المسرح الهزلي - الكوميدي - كان
أكثر توفيقا ونجحا فمن المسرح الجدي - الدرام - وأقوى على مغالبة
الأزمات والعقبات التي عرضت في السنون الأخيرة وأودت بالفرق
التمثيلية إلى الدرك الذي وصلت إليه.
وأغرب من هذا وأبعث على العجب أمن مسرح الدرام بدأ غنياً فافتقر، بينما أن مسرح الكوميدي بدأ فقيراً ثم اغتنى. وما نعني هنا هذا العرض الزائل وهذه الدريهمات التي تأتي بها الظروف أحيانا، وتذهب بها الظروف أحيانا أخرى، وإنما نعني في حديثنا عن الفقر والغنى الناحية المعنوية والفنية لكل منهما.
فمنذ عشر سنوات أو قبل ذلك بقليل، كانت فرقتا الأستاذ جورج والأستاذ عبد الرحمن رشدي تنهضان بعبء العمل المسرحي على أكفأ ما يكون، وتغذيان جمهورهما بأنفس الروايات المترجمة أو المؤلفة على السواء، وكانت الفرقتان تضمان مجموعة من خيرة ممثلي وممثلات المسرح في مصر، وكان الإقبال على حفلاتهما ليس بالقليل وحلت الفرقتان لأسباب عارضة لسنا بصدد تفصيلها هنا وتألفت على أنقاضهما فرقة رمسيس التي اجتمع لها من أسباب القوة والبروز ومقدمات النجاح والنصر ما لم يجتمع لفرقة قبلها، فالمال جم وفير، وثمت مسرح خاص أنيق، ونخبة من أحسن الممثلين والممثلات، ومجموعة منتقاة من أجود الروايات، وقبل كل هذا الرغبة القوية في العمل الفني الحق، والإرادة التي لا ينقصها الحزم، ونشطت الصحافة إذ أحست هذه الجهود الجبارة تبذل في سبيل الفن فأفردت صحفنا اليومية الحديث عن مسرح والتمثيل أبوابا خاصة بل صحائف كاملة، وكان ذلك حدثا جديداً في عالم الصحافة، وتفرغ كثير من الأدباء للكتابة عن التمثيل ونظمت لأول مرة في تاريخ المسرح حركة النقد تنظيما واسع النطاق، وقصارى القول أن