حسبت، وديوان الشبيبي في المطبعة، أني سأسبق الكتّاب إلى الكتابة عنه حين ينجز طبعه؛ ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. فقد لبثت حقبة أتربص فرصة بين الأشغال المتتابعة، وأرتقب فترة من المسرعة، وكلما صرفتني الشواغل عن مقصدي أنشدت قول الأنوري الشاعر الفارسي:
وكانت عطلة عيد الأضحى، ودعيت إلى المشاركة في المؤتمر الطبي العربي الذي اجتمع في مدينة أسوان فقلت هي فرصة: أصحب ديوان الشبيبي في القطار كما صحبت ديوان البحتري في سفري من حلب إلى استانبول قبل أربع سنين. ورحم الله أبا الطيب الذي قال: وخير جليس في الزمان كتاب.
عبرت ديوان الشبيبي عبرة وعزمت على أن أبادر بالكتابة عنه حينما أعود إلى القاهرة. ثم سارت الأيام سيرتها، وجرت الأمور مجراها، فإذا شهر ونصف يمضيان من الزمن الطيار الذي قال فيه المعري:
وأصغر كون تحته كل عاَلم ... ولا تدرك الأكوانَ جردٌ صلادم
وقال عبد الحق حامد شاعر الترك الأكبر:
كجمز، صانيرم، بوردز كاري ... سر عتيلدر أو لقدرَ كَذارى
(وترجمته:
ويسرع هذا الزمانُ المرورَ ... إلى أن أُرى أنه لا يمرّ)
ثم تسنت لي جلسة خالية مختلسة من بين المشاغل التي تعبدنا وتستبد بعقولنا وقلوبنا فاستطعت أن أخط كلمات قليلة عن ديوان الشبيبي، وما هي إلا نظرة عاجلة غير شاملة حاولت جهدي، حين الكتابة، أن أتجاهل السيد رضا الشبيبي، وأقدر أنني لا أعرفه وأني لا