كذلك تستعمل الماشية في القرابين، ليكون هناك اتصال بين النويري والآلهة وأرواح أجداده، فمثلاً في أوقات الشدائد مثل المرض والموت والتشليخ (تشريط الوجه) والزواج يجب أن يحوز النويري رضاء الأرواح الطيبة، وذلك بأن يُستحضر عجل أو كبش، ثم يوضع على ظهره مسحوق من الرماد، ثم يقول له صاحبه ما يريده من الأرواح، ثم يطلق إلى حال سبيله لكي يخبر الأرواح بما يريده سيده.
والنويري يرى دائماً أنه لا بد أن توجد علاقة بينه وبين الأرواح، وذلك يكون بإهدائها بقرة، وهذه البقرة تترك في المنزل ولا يحل له ذبحها أو استعمالها لأي غرض من الأغراض ما دام قد وهبها للأرواح. فإذا ماتت فأن أحد أولادها يحل محلها كحلقة اتصال بين النويري والأرواح. والقطيع من الماشية تتعهده مجموعة من الأفراد تجتمع لهذا الغرض، إذ لا يمكن أن يتعهده فرد واحد. ومن ذلك يتبين إلى حد بلغت علاقة النوير بالماشية خصوصاً إذا ما علمنا أن أي فرد من هذه المجموعة لا يمكن أن ينفصل عنها، لأن طعامه اليومي وزواجه ونجاته من شر الانتقام متوقف على بقائه داخلها. وهكذا يظل النويري طول يومه يرعى ماشيته ولا حديث له سواها، ولذا قلما ينادي رجل من النوير باسمه، بل يعرف باسم أحد (عجوله أو ثيرانه)، فمثلاً بدل أن ينادي رجل باسمه ينادي بهذه العبارة:(أيها الثور أو العجل الأسود الأبيض ذو القرنين).
والنوير ينقسمون إلى عدة قبائل كل منها مستقل سياسياً، ولكل منها مقاطعة تتمتع بكل مواردها الاقتصادية، وكل واحد منهم يعرف حدود مقاطعته، وإذا حدث أن أحد أفراد قبيلة أستغل موارد مقاطعة أخرى غير مقاطعته فأن ذلك يعتبر اعتداء يثير الحرب على الأثر، فإذا قامت الحرب فأنها لا تقف إلا إذا تساوى عدد القتلى في الطرفين.
والأستاذ الدكتور أيفانز بريتشاد يشرح النظام الحربي كما يأتي:
تنقسم القبيلة إلى قسمين أ، ب، وكل قسم من هذين ينقسم إلى قسمين، فـ أتنقسم إلى جـ، د، ب تنقسم إلى هـ، و. وهذه الأقسام الصغيرة تنقسم إلى أصغر منها وهكذا.
فإذا نشبت الحرب بين ل، ن لا يتدخل أحد، وإذا نشبت بين ل، م تدخل ن في صف ل،