قرأت في مجلة مصرية مقالة لأحد الأساتذة، يقول فيها:(إن تقارير مفتشي التعليم ومراقبيه) أظهرت في السنين الأخيرة شيئاً جديداً لم يكن ملحوظاً من قبل، وهو أن الأولاد الذين يمارسون الزراعة في الحقل أو الصناعة في المعمل أو التجارة في السوق من متخرجي المدارس الإلزامية، لا تكاد تمضي عليهم أربع سنوات أو خمس، حتى ينسوا القراءة والكتابة، وتمحى من ذاكرتهم البقية الباقية من الحروف الأبجدية، فيعودون بذلك إلى الأمية مرة أخرى. . .)
إنني لم أطلع على نصوص التقارير التي يشير إليها صاحب المقال، فلا أعرف تفاصيل ما لاحظه المفتشون في هذا الباب. ومع ذلك لم أجد في هذه النتيجة شيئاً يستوجب الاستغراب، نظراً إلى ما أعرفه عن الظروف المحيطة بالتعليم الإلزامي في مصر من جهة، وعن التجارب التي مرت على الأمم الغربية في هذه القضية من جهة أخرى. . .
إنني لا أشارك المحرر في الأسباب التي يعزو إليها هذه النتيجة، كما لا أوافقه على الوسائل التي يقترحها لمعالجة القضية. ومع هذا لا أرى لزوماً لمناقشة الآراء الواردة في المقال المشار إليه، بل أفضل أن أبحث عن القضية من (أساسها)، بقطع النظر عن آراء المحرر فيها.
- ١ -
يظن الكثيرون أن (تعليم القراءة من الأمور البسيطة) التي يستطيع أن يقوم بها كل من (يعرف القراءة والكتابة) وبالأحرى كل من يعلم شيئاً من (مبادئ أصول التدريس). في حين أن هذا التعليم من الأعمال الدقيقة المحفوفة بالمزالق الكثيرة التي لا يمكن تجنبها إلا بيقظة متواصلة وتمرين خاص. .
لأن (تعليم القراءة) لا يعني (تعويد الطالب على قراءة بعض الكتب المعينة)، بل يعني (إكساب الطالب المقدرة على قراءة أي كتاب كان).