للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بين الأعاصير]

للأستاذ إبراهيم الوائلي

سواجع الروض - لو تصغي سوأجعه ... خذي من اللحن ما تشجي مقاطعه

إني وقفت فلا طير يساجلني ... على الغصون وتهفو لي مسامعه

قلب يذوب وأنفاس يضيق بها ... صدر تعج ببلواه أضالعه

أني اتجهت رأيت الشوك يرصدني ... وعاصف التيه تطويني زعازعه

مالي وللنهر قد رقت مساربه ... لكل وحش وضاقت بي منابعه؟

أكلّما جئت ألقاه على ظمأ ... تجهمت دون ما أبغي مشارعه؟

والحقل ينضح عطراً من نسائمه ... فإن مررت تلقتني زوابعه!

كأنني لست من أطيار دوحته ... أشدو وتبعث أنغامي بدائعه

ودعت (دجلة) لا طيف يعاودني ... إلا الحنين ولا لحن أطاوعه

وخلتها أنها تصغي، وشر أسنا ... ألا يهز متون الروض ساجعه

وخلت أن (الفرات) العذب مذكر ... عهداً من الشعر ما جفت مطالعه

هناك غنت بجنب النخل صادحة ... شبا بتي واستشارتني مرا بعه

أستقبل الموج منساباً ولي كبد ... تظل من فرحة ألقيا تتابعه

نهر تغنى بأمجاد وطاف على ... دنيا الأعاجيب وامتدت رواضعه

كبابل و (سمير أميس) شامخة ... تقول للدهر: ماذا أنت صانعه؟

وموكب الشعر لا الأصفاد لاهثة ... تكف منه ولا الدنيا تقارعه

من (ابن دبيان) كم هزت قصائده ... (رب الخورنق) واهتاجت روائعه

ومجد بغداد والتاريخ شاهده ... إن قيل: هات تحدثنا مجامعه

حتى إذا بات في الظلماء رائدها ... يطوي المتيه وتحويه شوا سعه

تجاذبتها أعاصير ومزقها ... عصر من الظلم لا تنسى فظائعه

عصر (الولاة) وشعب يشتري علنا ... في كل يوم و (ظل الله) بائعه!

وزمرة من عبيد (الكرج) ساغ لهم ... من الفراتين عذب الماء مانعه

والمستعز على (البسفور) تحضنه ... مواكب الغيد والدنيا توا رعه

<<  <  ج:
ص:  >  >>