كلما مرت الأيام زادتنا اعتقاداً بأن حالة روسيا الاشتراكية اليوم ينطبق عليها المثل الذي يقول:(تتغير وحالها لا يتغير)
ويقول (هارولد وني) في مجلة (نيويورك مجازين): (كانت روسيا القيصرية فيما مضى توصف بأنها ولاية تحكمها طائفة من السفاحين) ووصف كاتب بلاد السوفييت في عهدها الحديث فقال: (هي دولة بيروقراطية يأتمر بها زمرة من الجلادين).
وهذا قول صحيح إلى حد بعيد، إذا أعدنا إلى الذاكرة عملية التطهير الكبرى التي اجترمت في روسيا ما بين عام ١٩٣٦ وعام ١٩٣٨. أما اليوم فقد نكون أقرب إلى الدقة والصواب إذا قلنا أن النظام الحكومي الذي تسير عليه روسيا الآن، هو نوع من الحكم الاستبدادي الشرقي القديم
فروسيا يحكمها رجل واحد هو (جوسيف ستالين) ينفذ إرادته المطلقة فيها بطريقة لم تتح للقيصر في جبروته، بل لم يظفر بها هتلر، وذلك أن النظام السوفييتي متوغل في حياة الشعب الداخلية والخارجية، بطريقة لم يسبق لها مثيل في حياة الإنسان
ومن ثم كان من السهل على (الكرملين) أن يعلن الرأي النهائي في السياسة العالمية - ما بين عشية وضحاها - كما فعل في الوقت الأخير إذ أعلن فصم العلاقات الروسية بالأمم الديمقراطية الغربية وارتباطها بألمانيا. ففي مقدور ستالين أن يتصرف كيف يشاء في سياسة روسيا الخارجية. ولا يجسر أحد أن يرفع صوتاً ما بمعارضته بحال من الأحوال
فروسيا وإن كانت تعد من الناحية النظرية أمة ديمقراطية، بعد أن كانت - نظرياً - تحكم حكماً دكتاتورياً بواسطة الطبقة العاملة، فهي في الواقع لم تكن قط هذا ولا ذاك. قد يكون لينين ورفاقه يرمون إلى قيام دكتاتورية من العمال، وقد يكون في دعوى نظام الديمقراطية الروسية عام ١٩٣٦ شيء من الإخلاص
إلا أن التجارب التي أكتسبها الاشتراكيون بسلطتهم المطلقة قد أقنعتهم بأن الشعب الروسي يجب أن يقاد، يجب أن يقهر ويقبض عليه بيد من حديد. فأصبح لينين دكتاتوراً ولكن بعقله