لست أدري أيصبح (الخمول) مبدأ فلسفياً يعتنقه بعض الناس في هذه الحياة، ويستشعر من وراء اعتناقه سعادة وراحة ورضا. . وهل في مكنة امرئ أن يدفع نفسه دفعاً في زاوية من الخمول يقبع فيها قانع النفس راضي البال قرير العين بخموله. . . أم أن المرء بظروفه وبيئته، وبدرجة ذكائه وحظه من المعرفة، قد يؤتي نصيباً من الشهرة والصيت، وقد يحرم. يؤتي هذا النصيب قسراً عنه، ويحرمه قسراً عنه كذلك. وصحيح أن المرء بجده وكده واجتهاده وجلادة يكون عاملاً من أهم العوامل في شهرة نفسه، وفي إيتائها نصيباً من الصيت والحظ الحسن. ولكن مما لا شك فيه أن عوامل أخرى خارجة عن إرادته، ذات صلة وثيقة بإيجاد هذه الشهرة، وخلق ذلك الصيت والحظ. قد تكون هذه العوامل معينة للمرء تأتي إليه طائعة مختارة وفق ما يهوي ويشتهي، فيصل بها إلى ما يرجو من الشهرة، في سهولة ويسر. وقد تكون معوقة له واقفة في سبيله حجر عثرة، قاسية عاصية فلا يصل إلى ما يرجو إلا بعد لأي وشدة. وقد لا يصل. والدنيا ذات عجائب، فكثيراً ما تسوق الشهرة إلى من يستحقها، وتضفي عليه ذيول النعمة، ثم تنحيها عن رجل هو أهل لها، وتحرمه أسباب الرضا. وقديماً قال الشاعر.
متى أرت الدنيا نباهة خامل ... فلا ترتقب إلا خمول نبيه
وبدهي أن المرء الذي من حقه أن تنبه الدنيا شأنه، ليس أمراً عادياً، بل قد أوتي من الذكاء وخصوبة الذهن، ورزق من المعرفة وسعة التفكير، والقدرة على الإنتاج، حظاً واسعاً جديراً بأن يجعل منه رجلاً مشهوراً من حقه أن تسعى إليه الدنيا، وأن تنبه شأنه. ودون شك، هو يرى نفسه جديراً بهذا السعي والنباهة. فإن أوتي منهما حظاً سعد به. وإن حرم، فإما أن يجدد جهاده وجلاده، حتى يصل ما تصبوا إليه نفسه. وإما أن ييئس ويستنيم إلى الخمول، ويتخذ منه مبدأ فلسفياً، ومعتنقاً بعيش به، ويتسلى باعتناقه، ويجد لذة في الائتناس به، تعوضه عما فقده من شهرة، وعما حرمه من نعمة الصيت، وعما فاته من مباهج الحياة. ولكنني - كما ذكرت - لست أدري تماماً هل يجد الخامل - أو المتخامل - لذة في