للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

خزائن الكتب في قصور الأندلسيين

حديث حضرة العلامة الأستاذ عباس محمود العقاد عن مكتبات القصور الأوربية في المقالة الأولى في الرسالة الغراء (٣٩٥) - ذكرنا بشيء في (نفح الطيب) أرويه حاشية لحديث حضرة الأستاذ. وفي خبر النفح فائدة تاريخية وأملوحة:

قرطبة أكثر بلاد الأندلس كتباً، وأهلها أشد الناس اغتناء بخزائن الكتب. صار ذلك عندهم من آلات التعيين والرياسة حتى أن الرئيس منهم الذي لا تكون عنده يحتفل في أن تكون في بيته خزانة كتب، وينتخب فيها، ليس إلا لأن يقال: فلان عنده خزانة كتب، والكتاب الفلاني ليس عند أحد غيره، والكتاب الذي هو بخط فلان قد حصله وظفر به

قال الحضرمي: أقمت مرة بقرطبة، ولازمت سوق كتبها مدة، أترقب فيه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع، وهو بخط مليح، ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه، فيرجع إلي المنادي بالزيادة علي، إلى أن بلغ فوق حده، فقلت له: يا هذا، أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي. فأراني شخصاً عليه لباس رياسة، فدنوت منه وقلت: أعز الله سيدنا الفقيه! إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك، فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده

فقال لي: لست بفقيه، ولا أدري ما فيه، ولكني أقمت خزانة كتب واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب، فلما رأيته حسن الخط جيد التجليد استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير

قال الحضرمي: فأحرجني وحملني على أن قلت له: نعم لا يكون الرزق كثيراً إلا عند مثلك. يُعطى الجوز من لا أسنان له! وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب وأطلب الانتفاع به يكون الرزق عندي قليلاً، وتحول قلة ما بيدي بيني وبينه!

(باحث)

المجمع اللغوي والمعجم الوسيط

أخي الأستاذ الجليل صاحب (الرسالة) الغراء

<<  <  ج:
ص:  >  >>