ولد سنة ١٢٣٦، كما تحققه من بعض أفراد أسرته، كان في ابتداء أمره مقيما بمسجد الأمام الليث، وكان ينزل إلى الأزهر لطلب العلم، ويعود للمبيت هناك، وكان كريما على فقره. ثم ورد على مصر الشيخ السنوسي الكبير قاصدا الحج، فاتصل به، وأخذ عنه الطريق وحج معه، ولما عاد إلى مصر لم يفارقه. بل سافر معه إلى جغبوب، وأقام هناك مدة لم يفتأ فيها يطلب العلم ويستفيد. ثم فارقه وعاد لمصر، واتصل بأم عباس باشا الوالي فجعلته شيخا على مجلس دلائل الخيرات عندها. ثم اتصل أيضاً بالأمير احمد باشا رفعت بن إبراهيم باشا الكبير. فاعتقد فيه، واطلعه على خزانة كتب عنده، فاطلع على ما فيها واستفاد منها. وبسبب سفره إلى جهة المغرب اتهموه بمعرفة الزايرجة والاوفاق، فلما تولى سعيد باشا على مصر، أمر ضابط مصر عبده باشا بجمع من يأكلون أموال الناس بالباطل بهذه الخزعبلات، ونفيهم إلى السودان، فسيق المترجم معهم لما علق به من هذه التهمة، فبقى في السودان إلى أن عفى عنه وعاد لمصر.
ولما تولى إسماعيل باشا على مصر، تلالا نجم المترجم، وبدا سعده، فاتصل به، وقربه هو والشيخ عليا أبا النصر، وجعلهما نديمين له كنديمي جذيمة، وصار لا يصبر عنهما في مجالس انسه، فكانا إذا حضرا تلك المجالس أزاحًا الكلفة وتبسطا معه في القول والتندير، فكانت لهما في ذلك من النوادر ما يملأ الأسفار. وقد بلغ من شغفه بهما ان خصص لهما قاعة بديوانه يجلسان بها كأنهما من المستخدمين فيه. وحدث مرة أن أمر بكتابة ألواح على باب كل قاعة في الديوان، ليعرف من بها، كقلم التشريفات، وقلم التحريرات ونحوها، وسألهما العالم عم يكتبه على قاعتهما، فقال المترجم اكتب عليها: إنما نطعمكم لوجه الله. وبسبب تقرب المترجم من الخديوي قصده الناس في الشفاعات عند الكبراء، ونفع الله به خلقا كثيرا، جزاه الله عز مسعاه خير جزاء.