(لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها وما في بدني شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير! فلا نامت أعين الجبناء).
خالد بن الوليد
فوصلت المقدمة مساء إلى القرب من ثنية اليمامة ولقيت مفرزة من بني حنيفة نياماً في أسفل العقبة فباغتهم وأسرتهم؛ وكانت هذه المفرزة مؤلفة من ستين رجلاً بقيادة مجاعة بن مرارة أحد رؤساء بني حنيفة
والروايات جميعاً متفقة على أن مجاعة خرج من اليمامة على رأس سرية يطلب بثأر له في بني عامر وبني تميم، لأن بني عامر منعوه من أن يتزوج خولة بنت جعفر. وبعد أن باغت بني عامر عاد بخولة ووقف في أسفل العقبة مع رجاله ليبيت ليلته هناك وإذا المسلمون يباغتونه ويقودونه مع رجال أسرى إلى خالد
والذي يلوح لنا أن مجاعة كان يراقب مجيء جيش المسلمين من الثنية - أي عقبة الحيسية -. ويظهر أن قوة المسلمين باغتته دون أن يستطيع التملص منها، فلما وقف أمام خالد زعم أنه خرج للثأر
وتزعم الروايات أن خالداً قتل رجال مجاعة لتأكده كفرهم، واستبقى مجاعة ليستفيد منه في حركاته على مسيلمة. فيما ترى هل تواطأ مجاعة مع خالد على مسيلمة، أو أنه تأكد نصر المسلمين فأراد أن يسوخ موقفه أمامهم فعرض الخدمة على خالد؟ أو أنه خرج برجاله ليلتحق بجيش المسلمين فيدلهم على عورات أعداهم؟ ذلك ما لا نعلمه العلم الأكيد. والمحقق أن مجاعة ظل محجوراً عليه في معسكر خالد وقام بالواسطة بين خالد وبني حنيفة لعقد الصلح بعد انكسار جيشهم في عقرباء، فأفاد الفريقين بتلك الوساطة. ولا بد أن خالداً استجوب مجاعة فاستقى منه جميع الأخبار الموثوق بها عن مسيلمة وجيشه، فعلم منه أن