يعرف قراء العربية شيئا كثيرا عن زعيم الهنادك غاندي وزعيم الهند الإسلامية دفين الحرم القدسي الشريف محمد علي رحمه الله، وشاعر بنغال طاغور وغيرهم من رجال الهند وزعمائها. ولكن معرفتهم بشاعر الشرق والإسلام الدكتور محمد إقبال ضئيلة جدا. والتبعة في ذلك علينا، إذ لم ننقل أفكاره إلى لغة الضاد، حتى فاضت قريحته بهذه الشكوى اللطيفة:
نواث من به عجم آتش كهين افروفت ... عرب زنغمة شوقم هذوزب جراست
لقد أذكى شعري النار الخامدة في قلوب العجم، ولكن العرب لا تزال تجهل ما أبثه من آيات الوجد والشوق.
لذلك رأيت أن أتحدث إلى قراء الرسالة - وهم الصفوة المختارة من قراء العربية - عن محمد إقبال، الشاعر الحكيم الذي أوتي نورا من القرآن الكريم، وقبساً من أسرار الكون، ومنحة الله نظرة ثاقبة في حوادث المستقبل، وبصيرة نافذة في حقائق الأشياء.
نعم، أريد أن أتحدث عن الرجل الذي يقظ في شباب الأمة وشيوخها فكرة الاعتزاز بالقومية الإسلامية، وجعل من هذه الأمة البائسة المسكينة أمة قوية الشكيمة، متعصبة العزيمة، وثابة إلى المجد، حريصة على تراث أسلافها.
أني أود أيها القارئ العربي، أن أعرفك بالشاعر الحكيم الذي جعل من الشبيبة المسلمة الهندية، وهم متعمقون في القوية الملعونة، مسلمين صادقين مؤمنين بالوحدة الإسلامية محاربين لنزعات الإقليمية والجمود والإلحاد، وما أكثر عددهم؛ فكم من متسكع في ظلمات الزندقة والإلحاد ورد ماء شعره، فوجد فيه ما يثلج الفؤاد، وينور العقل، ويهذب النفس. وكأين من متشكك في عقيدته دخل حديقة شعره الغناء، وهو يريد أن يتنزه بين جداوله وأنهاره فشاهد فيها الزهرة الباسمة التي علقت بفؤاده، والنرجس الغض الذي أسر فؤاده بجمال عينها الصافية بين آونة وأخرى، حتى يشرب في قلبه بعض ما اشرب صاحبها من