للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المثنى بن حارثة]

على ذكر (نادي المثنى) ببغداد

للدكتور عبد الوهاب عزام

كانت قبائل ربيعة ضاربة شرقي نجد، موغلة إلى الشمال حتى أعلي الفرات. . وكانت الوقائع تثور بينهم وبين الفرس في الحين بعد الحين، فكانوا أجرأ العرب على فارس، وكان العرب يسمون فارس الأسد، فسموا ربيعة (ربيعة الأسد)

وكان بنو شيبان من هامات ربيعة في الجاهلية، وهم كانوا أبطال (ذي قار)، وامتد بهم المجد في الإسلام فكان منهم بيتوتات لها في الحرب والمكارم مآثر. يقول أبو تمام:

أُولاك بنو الأفضال لولا فعالهم ... دَرجن فلم يوجد لمكرمة عقْب

لهم يوم ذي قار مضى وهو مفرد ... وحيد من الأشباه ليس له صحب

به علمت صُهب الأعاجم أنه ... به أعربت عن ذات أنفسها العُرب

هو المشهد الفرد الذي ما نجا به ... لكسرى بن كسرى لا سنام ولا صُلْب

- ٢ -

وقد امتدت أحقاد ذي قار بين الفرس وبني شيبان خاصة، وقبائل بكر عامة؛ حتى كان بنو شيبان طلائع الفتح الإسلامي في العراق: لما عم الإسلام الجزيرة وتوطد سلطانه سمع أبو بكر بوقائع سيد من شيبان في سواد العراق فقال: من هذا الذي تأتينا وقائعه قبل معرفة نسبه؟ قال قيس بن عاصم المنقري: (هذا رجل غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد؛ هذا المثنى بن حارثة الشيباني)

ثم قدم المثنى على أبي بكر يسأله أن يؤمره على قومه ففعل. وكان المثنى من قبل على قومه أميرا، وبقي من بعد أميرا يستعينه الأمراء إذا حضروا، ويستخلفونه إذا غابوا، حتى مات بين مآثر مشكورة، ومناقب محمودة. وقد صدق عمر حين سماه: (مؤمر نفسه)

وبعث المثنى أخاه مسعودا إلى الخليفة يستمده فأرسل خالدا إلى العراق؛ فلما نزل خالد النباج كتب إلى المثنى وهو معسكر بخفان ليأتيه، وبعث إليه بكتاب من أبي بكر يأمره بطاعته. قال الطبري: (فانقض إليه جوادا حتى لحق به). فانظر إلى الرجولة كيف تسارع

<<  <  ج:
ص:  >  >>