[أبو الهول]
للأستاذ عبد الرحمن شكري
أنَخْتَ فوق الدهر بالكلكل ... وكُنتَ مثل الواعظ المُرْسَلِ
عند فلاة قلَّ قُطَّانها ... هل باختيار كنتَ في معزلِ
مضى الأُلى شادوك في مجدهم ... كأنه منك لدى موئل
فهل مللتَ العيش من بعدِهم ... كأنما جُلِّلْتَ بالمُثقِل
ثقل من الدهر تحمَّلته ... لو حل بالأطواد لم تحِمْل
فهل يَدِرُّ العيش من بعدهم ... أم ما ضُروع الدهر بالحُفل
وأنت مثل الخان في لبثه ... ونحن مثل الراكب المُعْجَل
غدا ترى عيناك من بَعدنا ... غير حُلولِ الحي والمنزل
كم أمة من بعدها أمة ... قد رحلت عنك ولم ترحل
فأنت سِفْرُ الدهر خطَّت به ... يداه آي المُحْكَمِ المُنْزَلِ
فاتل لنا من آية آية ... لعلنا نُجْنُبُ ما يبتلى
كم وعظ الدهر فلم نَزْدَجِرْ ... وكم سما الناس ولم نَعْتل
نعاف مستطرف ما يُرتجى ... كأننا في العيش لم نُجْبَل
قيدنا العجز ونرجو عُلًى ... يسمو الذي في الطير لم يُكبل
فيا مِثال الدهر يا رمزه ... كم صنم في القلب لم يَبطُل
كأن روح الدهر في جسمه ... إن ترَهُ من نحوه تمثُلِ
تحسبه من هيبة عاقلا ... من حسب المرهوب لم يعقِل
كأنما في طيِّ ألحاظه ... ذكرى لعهد الزمن الأول
كأنه في صمته حارس ... يحرس باب القَدَرِ المقفَل
يا عجباً أبصرتَ ما قد مضى ... ونظراتٌ منك لم تُقتَلِ
أبصرتَ أكل الدهر أبناَءهُ ... ألم تُرَعْ من ذلك المأكل
بينكما نجوى على صمته ... وصمتة في فيك كالمِقْوَلِ
مرت بك الأيام مخشية ... كأنها مرت على هيكل