كثيراً ما يتوق الناس إلى ما ليس في متناول أيديهم، لا لأنهم يريدون هذا الشيء بذاته، ولو أنهم يظنون بأنهم سيكونون سعداء إذا حصلوا عليه، ولكن لأن هناك شيئاً يفتقرون إليه في تركيبهم العقلي والروحي
ومن أوهام الجنس البشري أن يعتقد أن السعادة رهينة بشيء أو مكان أو زمن؛ أو بأنه يمكن الاستحواز عليها بالمال، أو بأنها توجد في جهة دون أخرى، أو بأنها ستأتي حتما على أجنحة الزمان، وكل أولئك - لعمر الحق - من بعض الترهات التي تعتري الناس في طفولة التفكير
السعادة لا يمكن أن تشرى بمال لأنها حالة من حالات العقل - الحالة المستمدة من الداخل موجهة إلى الخارج - وستتبعك إلى كل مكان، وفي كل وقت وفي كل حالة إذا أنت نظرت إلى الأشياء والحالات التي تحيط بك بعين مميزة فاحصة، وعندئذ تعرف أن التمييز والتقدير هو الحب، وأن الحب هو أن تكون سعيداً
وبعد، فما الأشياء التي تجعلك سعيداً أو شقياً؟ أنت اليوم تقول إنك سعيد لأن لديك ما كنت تريد. وبعد شهر ستكون شقياً وتود أن تحصل على شيء آخر، وستكون سعيداً مرة أخرى عندما يضئ أمامك أمل الحصول على رغبتك الجديدة؛ وشقياً عندما ينهار بسبب نكبة ما. والفقر الحقيقي أو الشقاء ليس في أن تمتلك القليل بل هو في أن تشتهي الكثير، فلكي يكون المرء سعيداً عليه أن يكون قنوعاً فالقناعة كنز لا يفنى
السعادة التي تترجح من خيط واه إنما هي كرغبات محسوسة معرضة للسقوط والضياع. هذى السعادة مثلها في الخداع كمثل السراب
الرغبة، والطموح، والتأميل فيما هو أحسن، كل أولئك ضروري للتقدم الإنساني ولاسيما إذا فسرت كما يجب أن تفسر فهي مبعث السعادة. ولكنه التفسير الذي يخفف كفة الصواب أو كفة الخطأ في الميزان. فإذا رغبنا في شيء صائب يستحق الاهتمام وجدنا طريقة أو أخرى نحصل بها عليه ويمكننا أن نعيش في الأمل سعداء. وعلى ذلك، يجب علينا أن