[٢ - الصيد في الأدب العربي]
للدكتور عبد الوهاب عزام
يصف لبيد صيد بقرة وحشية تخلفت عن القطيع تطلب ولدها وقد أكلته الذئاب، ثم لجأت إلى شجرة مفردة في الرمال في ليلة مظلمة ماطرة. ولما أسفر الصبح شرعت تعدو حائرة، فظلت سبعة أيام حتى يئست من ولدها وقطيعها، فسمعت حس الإنس فخافت وترددت بها الحيرة بين العدو أمام وخلف. وأرسل الصيادون كلابهم فكانت معركة قتل فيها كلب وفرت البقرة. وهي أبيات جيدة لا يملك قارئها إلا الإشفاق والحزن لهذه البقرة وولدها.
وهذه أبيات للنابغة الذبياني يصف معركة بين الثور والكلاب، وهي تشبه في الصورة العامة أبيات لبيد:
كأنما الرحل منها فوق ذي جُدَد ... ذَبّ الرياد إلى الأشباح نظَّار
مُطرَّد أُفرِدت عنه حلائله ... من وحش وَجرة أو من وحش ذي قار
مجرَّس، وَحَدَ جأُب أطاع له ... نبات غيث من الوسمى مِبكار
سَرته ما خلا لبانَه لَهق ... وفي القوائم مثل الوشى بالقار
بانت له ليلة شهباء تسفعه ... بحاصب ذات إشعان وإمطار
وبات ضيفاً لأرطاة وألجأه ... مع الظلام إليها وابل سار
حتى إذا ما انجلت ظلماء ليلته ... وأسفر الصبح عنه أي إسفار
أهوى له قانص يسغى بأكلبه ... عاري الأشاجع من قُنَّاص أنمار
محالف الصيد هبَّاش له لحِم ... ما إن عليه ثياب غير أطمار
بسعي بغُضف براها فهي طاوية ... طولُ ارتحال بها منه وتسيار
حتى إذا الثور بعد النقر أمكنه ... أشلى وأرسل غُضفاً كلها ضار
فكرَّ محمية من أن يفر كما ... كر المحامي حفاظاً خشية العار
فشك بالروق منه صدر أولها ... شك المشاعب أعشاراً بأعشار
ثم انثنى بعد للثاني فأقصده ... بذات ثغر بعيد القعر نعار
وأثبت الثالث الباقي بنافذة ... من باسل عالم بالطعن كرار
وظل في سبعة منها لحقن به ... يكرُّ بالروق فيها كرَّ أُسوار