ملنا عن الجادة الكبرى في أكرا صوب المشرق فرأينا حجرات وقباباً متفرقة ثم دخلنا ساحة واسعة في جانبها من الشرق والجنوب رواقان كبيران كأنهما أعدا لإيواء الزائرين والحراس. والى الشمال مدخل المزار وهو كالمداخل الأخرى، عقد رفيع تتصل به حجرات في طبقتين.
وهو أصغر من مدخل مزار جلال الدين أكبر الذي وصفناه قبلاً؛ ولكن فيه من الضخامة والعلاء والجمال ما يؤهله أن يكون مطلعاً للقصيدة الرائعة التي وراءه.
وعلى طاق المدخل الداخلي كتبت سور من القرآن: الضحى، وألم نشرح، والتين. وقد خطت الآيات بخط يختلف كبراً وصغراً على نسبة بعده عن الناظر فيرى القارئ ما بعد منه وما قرب بمقدار واحد.
فإذا التفت القارئ إلى الحديقة وأحواضها ونافوراتها وهذا الهيكل الجميل المائل في وسطها، ازدحمت على بصره وعقله وقلبه مناظر وأفكار وعواطف تقفه معجباً مرتاعاً.
حديقة فسيحة ناضرة يزدحم فيها الشجر، وتتشابك الأغصان والتاج في الوسط، وفي أقصى الحديقة إلى اليمين والشمال بناءان تطفو قبابهما من بعيد على هذه اللجة الخضراء، وسنذكرهما بعد. ويشق الحديقة من مدخلها إلى التاج حوض مستطيل اصطفت فيها نافورات يخر ماؤها في الحوض فتسمع وسوسة تخالها موسيقى هذا الجمال أو قصيدة تصف هذا المزار يهمس بها شاعرها.
ويمتد على جانبي الحوض خندقان فيهما نبت وزهر تناسب نضرتهما واهتزازهما صفاء الماء وترقرقه، ووراء هذين على الجانبين ممشيان عريضان.
فإذا سار السائر على أحدهما وقفه في نصف الطريق حوض عال من المرمر يصعد إليه خمس درجات في جوانبه الأربعة. وله حافة واسعة يقف عليها الزائر أو يجلس على أحد