ماذا يصور المسرح؟ إنه بصور ما أودعه المؤلف في مسرحيته من أفكار وتجارب. ولما كان لهذا الفن - كما لكل فن - أسلوب خاص في التصوير كان من اللازم أن تكون تلك الأفكار والتجارب مما يمكن تصويره بهذا الأسلوب دون سواه. والمفروض أن طريقة التأليف المسرحي تجري - فينا - على النسق الآتي: يلتقط خيال المؤلف بعض احتمالات الحياة ويكون منها مجموعة مستقلة من الحوادث المتصلة تستحيل في ذهنه إلى حوادث مرتبة ترتيبا معينا وهذه يعبر عنها بواسطة شخصيات وهؤلاء يعبر عنهم شعورهم وتفكيرهم عن طريق ما يلفظون به من قول
فإذا جاز لنا أن نقارن بين الفنون عامة من حيث أساليب التصوير فماذا يكون شان المسرح؟.
المشاهد أن من الفنون ما يجنح للخيال المبهم ومنها ما يهبط إلى الواقع السطحي بينما المسرح - فيما يبدو - يشكل التجارب والأفكار المجردة في قوالب ملموسة دون أن يقلل من روعة ما كانت عليه (خيالا) أو يزري بما صارت إليه (واقعا) يقول (آبركرمبي) وهو يشرح رأي أرسطو بهذا الصدد ما مؤداه: (إن الفن المسرحي إنما وجد لكي يعطي صورةومادة لضرب خاص من التنبه الخيالي. ووجود الفن يستلزم وجود التنبيه الخيالي. . . ومن الممكن أن نصور الحياة كما هي تماما ولكن الأمر الذي يحرك الشعور هو أن نتصور الحياة كما يمكن أن تكون وهنا يصبح الخيال قوة قادرة على الإيحاء. . . وربما كان عمل الخيال لا يعدو مجرد تقطير الأحداث الواقعية باستبعاد جميع نواحيها السخيفة. .)
فهل لنا أن نتخذ من هذه الواقعية الفنية مبررا قويا لتفضيل الفن المسرحي على غيره؟ المصطلح عليه انه من الصعب - إن لم يكن من العبث - أن نفاضل بين الفنون