تعتبر الغرزية الجنسية أساساً لنظريات (فرويد) في علم النفس وقد كان أول من تجرأ على القول بأنها أهم القوى الفعالة في النفس
كانت الأجيال السابقة تعرف مدى انفعالات النفس بتأثير الغريزة، ولكنها كانت تضرب صفحاً عن ذكرها أو الإشارة إليها مراعاة للقوانين والأخلاق. وقد ساعدت الديانات والحكومات، على اختلاف أنواعها وأشكالها، على ضبط جماح الغرائز الأولية فلم يشذ هذا الإجماع إلا القليل
حاربت النصرانية شهوات الجسم بشهوات العقل والروح، وجعلت من تحقيق رغبات هذه الشهوات الأخيرة مثلاً أعلى في الحياة، وأوجدت وسائل تختلف قسوة وليناً للتغلب على الغرزية الجنسية، وكان بعض هذه الوسائل جسمياً وبعضها الآخر عقلياً، وهو حل قائم على العقل والمنطق، لأن الأخلاق برزت في شكل مادي قائم على فكرة تتصل بما وراء المادة. على أن هذا الحل ظهر غير فعال تماماً لأنه لم يشف الإنسانية من الغريزة الجنسية ولم يحل دون بروزها مسيطرة على الجسم والنفس معاً
أما الشرائع الوضعية فقد اختلفت عن الشرائع السماوية بأنها لم تحتم على الفرد أن يخضع للأخلاق في نفسه وضميره بل أقرت المجتمع على مظاهر أخلاقية متواضع عليها ولم تطالب الفرد بمراعاة الأخلاق إلا في المظهر فقط
أما القرن التاسع عشر، وهو عصر الاكتشافات الخطيرة والاختراعات الهامة والمذاهب المستحدثة التي غيرت مجرى العقل والذوق في شتى أنواع الفنون ومختلف أساليب الفلسفة والعلم، فقد حارب الغرزية الجنسية بطريقة سلبية لأن كبار مفكريه تواطئوا على إهمال وإغفال ذكرها أو الإشارة إليها، فلم يؤيدوا وجودها ولم ينفوه ولم يبحثوا في أثرها
لم يقتصر هذا الإجماع على العلماء المفكرين بل تناول الأطباء الذين أبو توجيه بحوثهم