للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من المعارك الأدب السياسي]

للدكتور عمر حليق

في الأوساط الاشتراكية في بريطاني هذه الأيام جدل حول تفسير المبادئ الاشتراكية التي يؤمن بها حزب العمال - أحد الحزبين الرئيسين اللذين يتنازعون الحكم هناك

ويتخذ هذا الجدل معركة فكرية سلاحها الكراريس والنشرات والمقالات التي ينشرها كهنة الحركة الاشتراكية في مجلاتهم الأسبوعية وحلقاتهم الأدبية التي يكثر انتشارها في مراكز النقابات العمالية وأوساط الثقافة والفن في الجامعات ومعاهد العلم

والمحرك الأكبر لهذه المعركة الفكرية هو المستر (أورين بيفان) - قطب من أقطاب حزب العمال نبت في (العشش) المزرية البائسة التي تتاخم مناجم الفحم في مقاطعة ويلز ولم يتلقى من التعليم المدرسي إلا مبادئه وثقافته عصامية تتلمذ فيها على الكتب والبحوث التي توفرها للطبقات الفقيرة في بريطانيا المكتبات الحكومية الدوارة بحيث تقدم الغذاء العقلي للباحثين عن الحقيقة من الذين حالت ظروف المعاش بينهم وبين التتلمذ على الأساتذة في معاهد العلم الرسمية. واستطاع المستر بيفان بفضل عصاميته الثقافية أن يرتفع من أقبية المناجم ومجتمعها العليل إلى مركز مرموق في الحركة العمالية، ومن ثم إلى قبة البرلمان؛ فالوزارة التي استقال منها في العام المنصرم (قبل أن تفشل وزارة العمال في الانتخابات الأخيرة) إعلاناً عن سخط لسوء اجتهاد زملائه من أقطاب الوزارة في تفسير وتطبيق المبادئ الاشتراكية التي يدين بها الحزب

فحزب العمال البريطاني يستند في قوته السياسية إلى عنصرين أحدهما: نقابات العمال التي تضم ملايين الناخبين من الأيدي العاملة، وثانيهما نفر من المثقفين لا ينتمون في محتدهم ونشأتهم إلى طبقة العمال؛ وإنما اعتنقوا المبادئ الاشتراكية وانضموا إلى الحزب الذي يمثلها في الحياة السياسية للبريطانية، وهؤلاء المثقفون يشكلون الدماغ المفكر للحزب. وهم يفهموا الاشتراكية كما وضع أساسها المفكرون الإنكليز ولا يعترفوا بأن تعاليم ماركس ولينين وستالين التي تطبق في روسيا اليوم هي السبيل الوحيد لتحقيق العدالة الاجتماعية في بريطانياً وهذا لا يعني أن الاشتراكية البريطانية خالية تماماً من نظريات ماركس؛ وإنما تحرص الرؤوس المفكرة وراء الحركات الاشتراكية في بريطانيا أن تطبعها بطابع

<<  <  ج:
ص:  >  >>