للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحمد الإسكندري بك]

بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته

١٨٧٥ - ١٩٣٨

بقلم تلميذه وصهره الأستاذ محمد أحمد برانق

أتصل بي كثيرين من الأدباء الذين يقدرون المغفور له الأستاذ أحمد الإسكندري قدره، ويقرون له بالفضل (وبخاصة أدباء لبنان وفلسطين وغيرهما من الأقطار الشقيقة)، وطلبوا إلى أن أقدم لهم كلمة في تاريخ حياته، موجزاً عن آثاره العلمية والأدبية، ليكون نواة لما يقال عنه في حفلة تأبين يقيمها أدباء بيروت، ولما يلقى من محطة الإذاعة في فلسطين، ولكن شدة وقع المصيبة كاد يصرفني عن كل شيء حتى هذا، إلا أني غالبت ذلك الضيق الذي أحس مرارته في نفسي، واستطعت أن أكتب ما أرجو أن يكون فيه بعض الغناء إلى حين، حتى إذا أمكنتني الفرصة من وضع يدي على آثاره الأدبية المخطوطة، جلوتها للأدباء، وفاء له، واعترافاً بفضله.

نشأته:

صدر العلماء، وغرة الأدباء، وباقعة عصره - أحمد بن علي عمر الإسكندري، ولد في مدينة الإسكندرية في ٢٦ فبراير سنة١٨٧٥، تعهده أبوه بالتعليم، وبعد أن حفظ القرآن وأجاده التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية المعروف بجامع الشيخ. وأكب على التحصيل، ولكن مناهج التدريس لم تشبعه، فكان يقرأ الكتب التي تقع تحت يده، ومنها قصص عنترة، وأبي زيد، وسيف بن ذي يزن وألف ليلة وليلة، ونحوها، فأولع بالأدب، وقرض الشعر يافعاً، وعرفه بعض أبناء الأعيان المتأدبين، ولكن الأفق العلمي في الإسكندرية أصبح محدوداً أمامه، فرغب في النزوح إلى القاهرة حيث الأفق أوسع، ولكن والده لم يوافقه؛ إلا أن الهمة البعيدة الموهوبة، تفك القيود، وتحطم الأغلال، وتحتال لتقهر كل صعب، فصمم الغلام أحمد الإسكندري على الرحلة إلى القاهرة، وجمع كتبه وحزمها، وخرج في غفلة من أهل الدار، وليس في جيبه إلا دريهمات كان قد ادخرها، وصحبه في سفره اثنان لا أذكر اسميهما، أما أحدهما فإنه تخلف في حدود الإسكندرية، وأما الآخر فأنه صحب أحمد وركبا

<<  <  ج:
ص:  >  >>