كثير من العلماء هجروا العلم إلى الأدب ولم يستطيعوا الجمع بينهما كما فعل ابن سينا مثلاً حين جمع الأدب إلى الطب والحكمة أو كما فعل الكندي والبيروني
والعصور الحديثة ملأى بأمثلة ذلك
فذلك إبسن الكاتب النرويجي العظيم (١٨٢٨ - ١٩٠٦) وواضع الدعامة الأولى للأدب المسرحي الحديث قد نشأ ليكون أول أمره كيميائياً، ولكنه وجد هواه في كتابة الدرامة، فصبأ من الكيمياء إلى الأدب. . . وفرغ له وبرع فيه
وجوته أيضاً كاد يكون عالماً يبحث في الألوان ويضع الأصول للرسم والنحت ويؤلف في الأزهار وفلاحة البساتين، فلما تفتح قلبه للحب قذفت به حبيباته الثماني عشرة إلى الأدب فنبغ فيه نبوغاً يكفي لوصفه أن يقول فيه كارليل (إنه أعظم أدباء العالم) ولم يستثن حتى شاكسبير - وهذه مبالغة لا شك من صاحب كتاب الأبطال
والكاتب الإنجليزي الكبير هـ. ج. ولز هو الآخر، فلقد تعلم الكيمياء في صغره، ثم هجر المدرسة ليكون تاجراً، ولكنه أحس ميلاً ملحاً إلى التعليم، فصارع ظروف الدهر وتصاريفه وانتسب إلى جامعة لندن وكد وكدح حتى نال درجة في العلوم وعين بالفعل أستاذا لعلم الحياة (بيولوجيا) ولبث في منصبه لمدة ثلاث سنوات، ثم شعر بشغف شديد إلى الصحافة، فاعتزل منصبه واحترفها، ثم أيقن أن الله خلقه ليكون أديباً فهجر الصحافة واحترف الأدب، فها هو اليوم أكبر كاتب اجتماعي في العالم وكتبه تطبع بالملايين!!
وكذلك الكاتب الأرلندي المعروف جورج مور، فانه كرس حياته في فجر شبابه ليكون فناناً، وفتنه الرسم والتصوير، ونال فيهما أعلى الدرجات من جامعات لندن وباريس، ولكنه بعد ذلك كله شعر بسحر الأدب ينفث في قلبه، وذلك بتأثير إدمانه قراءة الأديب الفرنسي العظيم أميل زولا فشرع يكتب قصصه الخالدة التي ينهج فيها نهج أستاذه
جوركي وروسيا السوفيتية
اشتهر مكسيم جوركي في جميع أنحاء العالم بأنه أديب الصعاليك، وذلك لأنه يجيد الكتابة عن هذه الفئة إجادة لا يجاريه فيها أحد من الأدباء. وفي الحق أن جوركي يكتب عن الخدم