للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأرض. . .]

للأستاذ محمد محمد توفيق

(أنطق صديقي الدكتور حسن عثمان البحر بمناجاته الرائعة

على صفحات الرسالة الغراء، وأبى أن يعود بشاعره إلى

الأرض، مؤثراُ عليها عرائس البحر وعجائبه. فنطقت الأرض

أم الكائنات بهذه الأبيات لعل الشاعر أن يعود إلى أحضان

أمه. . .)

أنا الأرضُ فوقي كلُّ حَيٍ وميِّتِ ... وما البحر إلا ملتقى عبراتي

أنا الأرض مهد الكائنات ولحدها ... فهل غفل الإنسان عن حسناتي؟

وعيتُ نداء الله في كل خلقِهِ ... وما طاف بي مسٌّ من الشُّبُهاتِ

ومن قبل خلق الكائنات عبدتُهُ ... مع الشمس والأفلاكِ منطلقات

أدورُ كما دارت وأسعى كما سعت ... مُؤَجَّجَةَ النيران، محترقات

تُطَهِّرُناَ النارُ الإلِهَّيةُ اللَّظى ... وَتَصْهَرُناَ للخير والبركات

أنا الأرض كما حَجَّتْ وفودٌ وأَعْصُرٌ ... إليَّ وكم بدَّلتُ ثوْبَ حياتي!

وكم طيِّباتٍ فوق سطحي مُشاعةٍ ... وكم من كنوزٍ فيَّ مُختَزَناَتِ

وكم من حياةٍ تملأ الروحُ كأسَها ... وتسكبها في أعظمٍ نَخِرَاتِ

وهذى العظامُ الناخراتُ أُحيلُها ... تراباً عليه تغتذي ثمراتي

أنا الأرضُ لا حيٌّ عليَّ مُخَلَّدٌ ... ولا ميِّتٌ يبقى بغير حياةِ

وما فتئَ الناموسُ عندي كتابُهُ ... فهلا وعيتم حكمتي وعِظاتي

فيا بحرُ. . . ماذا أنت يا بحرُ قائلٌ ... وما صوتك المخنوق بالعبرات؟

وما هتفاتٌ رجَّع الصخرُ شجوها ... وما قَطَراتٌ ذُبنَ في قَطَرات

وما صرخاتٌ للأواذيِّ صُعَّدٌ ... تُرَدِّدُها القيعان في الدركات

لقد هاجني يا بحرُ أنّك شاعرٌ ... وأنّك فَذُّ الشعرِ والسَّبَحاتفأنطقتُ أطوادي وأجريت

<<  <  ج:
ص:  >  >>