للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صور من الحياة:]

٢ - زوجة تنهار!

للأستاذ كامل محمود حبيب

قال لي صاحبي: (مالك تغلو في رسم صورة (زوجة تنهار) فتزعم أن المرأة تفر من دار زوجها وتذر أولادها، وهم حبة القلب، ونور العين، وفرحة العمر، وبهجة الحياة. . . تذرهم لتعيش إلى جانب عشيق كائن من كان؛ على حين نرى الحيوان الوديع يتنمر إن أحس بسوء يوشك أن يصيب صغاره. . . فما بال الإنسان؟)

قلت: (أما هذه القصة، فهي من صميم الحياة، قصها صاحبها علي وعلى رهط من صحابه. . . وقصها أيضاً على الأستاذ سعيد العريان، وهو رجل ذو مروءة وإنسانية، وذو مكانة وشأن. . . فناله - مما سمع - الضيق والعطف، فقدم لصاحب القصة من إنسانيته ورجولته ما خفف عنه لأواء المصيبة، وأزاح عنه بعض وطأة البلوى. . .)

(كامل)

آه. . . يا لقلبي! إن الزوجة حين ترتدع في حمأة الخيانة تعلن عن أن دمها الملوث لم يشعر يوماً بصفاء المعاني السامية في الشرف والكرامة!

والزوجة الساقطة امرأة انتكست إنسانيتها، واتَّضعت كرامتها، ومات ضميرها. . . امرأة برمت بها روحانية السماء فلفظتها فجذبتها ظلمات الأرض لتسفل إلى هوة الخسة والرذيلة. . . وهي في عين زوجها وباء، وفي رأي أهلها داء، وفي موكب الحياة عار وسبة، وفي عمر الرجل ساعة لهو رخيص، يستمتع بها حيناً، ثم يطرحها إلى عرض الشارع. . . وهي - دائماً - تتوارى عن الأعين المتلفتة لأنها خلعت ثوب العفة، وتفزع عن الألسنة المتلطفة لأنها نزعت رداء الشرف!

يا فتاة الشارع: أرأيت الدار الخربة وقد انقض دارها، وانفتح بابها، فأصبحت مثابة للص والشحاذ وابن السبيل؟!

أرأيت المرعى الخصيب وقد نام عنه المدافع وانصرف الحامي فأضحى مستباحاً ترده كل سائمة فلا تجد هناك إلا الأمان والخفض وإلا الري والشبع؟

أرأيت الجيفة - وهي ملقاة على الثرى - لا تملك أن تدفع عن نفسها، ومن حواليها

<<  <  ج:
ص:  >  >>