للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رسالة الأديب إلى الحياة العربية]

للكاتبة النابغة الآنسة (مي)

(نبشر أصدقاء (مي) وعشاق أدبها بانكشاف الغمة عن صحتها وحريتها؛ فقد استطاعت أن تلقي هذه المحاضرة القيمة في ٢٢ من شهر مارس في العروة الوثقى بالجامعة الأمريكية على حفل حاشد من أعيان الفضل والأدب فكانت أقطع الحجج على ما أرجف به المرجفون من أصحاب الهوى والطمع. وإنا ليسرنا أن ننقل إلى قراء الرسالة هذه المحاضرة عن جريدة المكشوف اللبنانية ليروا أن (مي) لا تزال على عهدهم بها تشع بالنور، وتنفح بالعطر، وتنبض بالحياة)

سلاماً يا وست هول، يا موطن الفكر والرأي والحياة المنظمة في كرامة وحرية! كم من مرة جلست بالخيال بين جدرانك أتبادل والجمع الحاشد قوة الحيوية، وآخذ قسطي مما يعج في فضائك من فائدة علمية واجتماعية! كم من مرة عدت بالذكرى إليك وأصغي بخشوع إلى رسالات الفضل والعلم والتهذيب يتلوها هنا العلماء والمفكرون والمصلحون!

سلاماً أيتها (العروة الوثقى)، الساهرة على وظيفتك في تنوير الأفهام، الحريصة على غايتك في أحكام الرابطة العلمية والأدبية بين أقطار الشرق العربي! كم من صيحة أرسلها أقطابك وأتباعك وأنصارك من على هذا المنبر المضياف، فمضت كالطير تسبح في القريب والبعيد من الأجواء حاملة رسالة العلم الصادق والبحث الرصين والخير العميم، فكونت في أوساط قضية مواطن للفكر والرأي والحياة المنظمة في كرامة وحرية!

ولئن أنا شكرت لك تشريفي بدعوتك واقتراح الموضوع، فإني كذلك شاكرة لأنك أفسحت لي مكاناً كريماً بين كرام ضيوفك، عاملة بيدك القوية الوفية على أحكام الرابطة بيني وبين قومي؛ وأشكر لكم أيها السادة والسيدات تفضلكم بالحضور.

إن اسم (العروة الوثقى) يلهم الفرد أنه ينقلب أمة عندما يخاطب الأمة

وما أجمله موعداً موعدنا الليلة! فنحن في مطلع الربيع، إذ باشرت الأرض إخراج زينتها وعرض مباهجها، ونشرت السماء كواكبها وشموسها وأقمارها وضاءة في رحيب الأفلاك، وسرت الحياة نامية في فتى الغصون، واهتزت الأرواح مترنحة لاستيعاب جديد النفحات. كذلك الشعوب العربية استيقضت من شتاء حالك الظلام طويل الأمد، وانبرت تستقبل

<<  <  ج:
ص:  >  >>