أقامت المفوضية العراقية بالقاهرة حفلة شاي دعت إليها جمهورا كبيراً من رجال التربية والتعليم بمناسبة انتهاء (مؤتمر تدريس العلوم)، وقد اشتركت فيه الحكومة العراقية بإيفاد اثنين من رجالها الفضلاء: هما الدكتور الجمالي والدكتور عقراوي. أما الحكومة السورية، فقد اعتذرت بخطاب كريم نصت فيه على أن ضيق الوقت حال بينها وبين ما تريد من الاشتراك، وتمنت أن يديم الله على رجال العلم في مصر نعمة التوفيق
وفي الحفلة دار الحديث حول نشاط أعضاء المؤتمر فقلت: أن الذي شرح صدري هو أن أرى وزير العراق المفوض يحضر جميع الجلسات وعلى صدره شارة المؤتمر؛ فقال الدكتور عقراوي: هذا اقتداء بالتقليد الذي سنه صاحب سمو الأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق، فهو يحضر جميع المحاضرات التي تلقى في بغداد باسم التعاون الثقافي بين مصر والعراق وفي معيته جمهور من الوزراء والنواب والأعيان، وتلك االتفاتة نبيلة تبين لك عظمة ذلك الأمير الجليل
وانتهزت الفرصة فسألت الدكتور عقراوي عن شعوره نحو المؤتمر فقال: دلني هذا المؤتمر على نواحي جديدة من النهضة المصرية، فأنا الآن أومن بأن لرجال التعليم في مصر آراء لا تقل وجاهة عن آراءً رجال التعليم في الأقطار الأوربية والأمريكية
والحق أن الصلات العلمية والأدبية بين مصر والعراق قويت جدا بفضل تعاون الأمتين، وبفضل الأساتذة الذين أسسوا ذلك التعاون من مثال: السنهوري والزيات وعزام؛ ولم يبلق إلا أن نفهم أن تلك الجاذبية الروحية تحتاج إلى أسندة من الصدق والإخلاص في كل يوم، لتصل إلى كمالها المنشود
وفي هذا المقام اذكر أن سعادة الدكتور فاضل الجمالي حدثني أن معالي السيد تحسين علي، وزير المعارف العراقية، أوصاه بأن يصحبني معه إلى بغداد، وقد أجبت بأن التشوق سيحملني إلى بغداد على غير ميعاد، ولكن الذي يهمني هو أن يوجد مصريون بعواطف عراقية، وعراقيون بعواطف مصرية؛ وعند ذلك ابتسم سعادة الأستاذ شفيق بك غربال وقال: أنت هنا والجمالي هناك!