سبب ذلك الفتنة التي قامت بمصر، وانتهت بمقتل الملك الأشرف، خليل بن المنصور قلاوون، فقد بدأت تلك المؤامرة في جبال كسروان، حينما عاد منها الأمير بيدا منصوراً أتابك العساكر المصرية، والتقى بالسلطان في دمشق فأكرمه، ثم تغير عليه فأسمعه القارص من الكلام فعقد النية مع بعض القواد على الفتك به ولم تسنح الفرصة إلا في إقليم البحيرة، عند عودة السلطان من الإسكندرية وقت انفراده بالصيد، وقد ترتب على وفاة الأشرف المناداة بأخيه الناصر محمد في العاشرة من عمره فقبض على بيدا، وعلى من يميل إليه، واتجهت الشكوك إلى حسام الدين لاجين، من أمراء الألوف وقواد الدولة، فلجأ هذا إلى المنارة الحلزونية، وأعطى الله عهداً - إن سلم من هذه المحنة ومكنه في الأرض أن يجدد عمارة الجامع - وقد استجاب الله دعاءه، فأناب الأمير علم الدين الداوداري، وجعل إليه شراء الأوقاف التي على الجامع الطولوني، وصرف إليه كل ما يحتاج إليه في العمارة وأكد عليه ألا يسخر فاعلاً أو صانعاً، وألا يقيم مستحثاً للصناع، ولا يشتري لعمارته شيئاً مما يحتاج إليه من سائر الأصناف، إلا بالقيمة التامة، وأن يكون ما ينفق على ذلك من ماله وأشهد عليه بوكالته
وقد أقام عمارة بالجامع وبالمحراب وبالقبة وبلطه وبيضه، وخلد ذلك في لوحة مكتوب عليها:
(أمر بتجديد هذا الجامع مولانا السلطان المنصور حسام الدنيا والدين لاجين)
ورتب فيه دروساً للفقه ودرساً للحديث، ودرساً للطب، وقرر للخطيب مرتباً وجعل له إماما، ومؤذنين وفراشين وخدما، وبلغت النفقة على العمارة عشرين ألف دينار
وفي المقريزي والسيوطي وابن إياس ما يدل على بقاء الأوقاف جارية والدروس وأسماء من تولى النظر عليه حتى نهاية الدولة المصرية، وفي خطط علي باشا مبارك ما يدل على