للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فلسفة الوجودية]

للأستاذ شاكر السكري

هناك نمت بين أحضان باريس بصورة خاصة فلسفة الوجودية التي استفحل أمرها بشكل يدعو إلى الغرابة والدهشة لا باعتبار الوجودية كفلسفة، ولكن باعتبار الأشخاص وجوديين. وإذا ما عالجنا هذه الوجودية القائمة اليوم بشيء من الصدق وجدنا أن هناك نوعاً جديداً من التهتك والتفسخ الناتج عن وجهة نظر مغلوطة أدت بها إلى مفهوم مغلوط.

وإذا تساءلنا عن سر هذه الفلسفة وجدناه في (الحرية الفردية كما تدعوها أو تدعو إلى تفسيرها الوجودية).

والحرية الفردية في منطوق هذا المذهب سر الفلسفة الوجودية ولكن أية حرية فردية تزعمها هذه الفلسفة العدمية؟

الحقيقة هي أن ليس هناك غير الحرية الفردية الجنسية؛ الحرية التي تقضي بأن يكون الفرد الوجودي وليد اللحظة التي يعيش فيها، وليست هذه اللحظة إلا أن يفرغ فيها كل رغباته وأهوائه وقواه الجنسية على الشكل التي تبشر به الوجودية. ومعنى ذلك أن الوجودي هذا والوجودية تلك لهما مطلق الحرية في تمثيل وجوديتهما كما يرغبان على مرأى ومسمع من الناس. ومن ميزات هذه الحرية أن الوجودي له ملء الحرية في كيفية القيام بأعماله. فمثلا يشعر أن هذا الإنسان ليس من حقه أن يعيش فما عليه إلا أن يقتله لمجرد اعتقاده ذلك دون أن يلتفت إلى القيم والنظم الاجتماعية والشعور بالمسؤولية. فإذا قلت له إنك مسؤول عن ارتكابك هذا الجرم اكتفى بأن - يعلن لك مبرراً ارتكابه الجرم. . إنه وجودي. . من حقه أن يقرر المصير الذي يعتقده والذي تقره الوجودية هذا بغض النظر عن المقومات التي ترتكز عليها الحياة.

(. . وأغرب ما في باريس اليوم هؤلاء الوجوديون. إنك تقابلهم في كل مكان، وحينما يقع بصرك على أحدهم تجد نفسك قائلة على الفور: الوجودية. وكل شبان باريس اليوم وشاباتها يجرون وراء هذا المذهب ويمعنون في التطرف فيه. وكيفما كان رأي (جان بول سارتر) عميد هذا المذهب في تفسير الناس لمذهبه فالذي لا شك فيه أن الوجودية الآن في فرنسا تمثل انحلال الأخلاق والاستهتار بكل ما تحويه كلمة الاستهتار من معان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>