يجب أن تكون أبنيتنا الخاصة والعامة على طراز وطني. إما على الطراز العربي وإما على الطراز الفرعوني، ولو أني أفضل الطراز العربي بنقشه الدقيق الأشبه بالدانتلا، وزجاج نوافذه الملون الجميل، لأن القاهرة الآن حاضرة العالم العربي أجمع. . كما أن الطراز الفرعوني لا يظهر بهاؤه إلا في البنايات الكبيرة الشاهقة؛ أما في المساكن الصغيرة فقد يضيع فيه حسنه. . والطراز العربي قابل جداً للتطور مع مقتضيات العصر من مراعاة الإضاءة والتهوية دون أن يفقد شيئاً من رونقه، فقد شاهدت في أسبانيا منازل خاصة بنيت على الطراز العربي المستحدث آية في الذوق. . أما الآن فنحن في فوضى - في تشديد الدور - تجد هنا بناء على الطراز الفرنسي، كما تشاهد بجانبه بناء على الطراز الإنكليزي. . وترى إلى جانب هذا وذاك بناء على الطراز الحديث. . قد تكون هذه الطرز كلها جميلة في ذاتها، ولكنها لا تناسب طبيعة البلاد ولا تقاليدها.
إن تعدد أشكال البناء في القاهرة يقضى على جمالها وعلى طابعها الشرقي الرائع. .
يجب إلا يكون تقليدنا للعرب تقليداً أعمى. . لماذا لا نحذو حذو اليابان التي تأخذ عن الغرب مخترعاته ومستحدثاته، دون أن تنزل عن تقاليدها؟ كم صدق الكاتب الفرنسي الشهير بيير لوتي الذي كان صديقاً حميماً للمرحوم مصطفى كامل باشا حين قال يحذرنا تقليدنا للغرب:
(تجنبوا الحثالة الغربية التي يغمرونكم بها حين تذهب جدتها عندنا. . حافظوا على آثاركم وعاداتكم ولغتكم الجميلة. . .)
هناك مشكلة أخرى. . مشكلة البنايات الأثرية القائمة في وسط القاهرة التي تعوق حركة العمران. . رأيي أن يحفظ منها الشيء النفيس ويحاط بمتنزه صغير أو ميدان. أما الباقي فيهدم بعد أن يؤخذ له شريط سينمائي دقيق يكون وثيقة تاريخية عن هذه الأحياء للأجيال القادمة. .
أما الفن الحديث وله أنصار كثيرون، فلم يستقر على حال بعد، ولا يزال فنانوه يتخبطون، ينقضون اليوم ما أبرموه بالأمس. وأوروبا نفسها تشكو من المبالغات التي حدثت في الفن