كان للصينيين دين قبل وصول الديانات الأجنبية إليهم مبني على الأوهام والخرافات، كما كان الشأن في كل أمة من الأمم في الأزمان الغابرة؛ واتخذوا الأجرام السماوية والظواهر الطبيعية معبودات لهم غير معتقدين بخالق جبار يخضع لتصرفه كل شيء من الموجودات والكائنات، فكثرت فيهم الآلهة وتنوعت طرق عبادتهم.
فالحكماء الذين ظهروا في أرض الصين بعد زمن الخرافات وطلوع فجر التاريخ الصحيح، في شخصيات (لوتس و (كانفوشيوس و (مونشيوس و (مائي تس لم يأتي واحد منهم بنظام ديني يسير عليه الصينيون كافة. إلا أنهم جميعاً يعتقدون بما وراء الطبيعة، فمثلاً (الطريقة) عند (لوتس) هي شيء ليس بصورة ولا صوت يبقى دائماً، لا يفنى أبداً، ووجود قبل كل كائن مصدر لجميع الموجودات وروح تحيا بها. فهذا التعريف لطريقة (لوتس) يوافق ما نعتقد بصفات الله. وأما (السماء) في عقائد كانفوشيوس فهو صاحب السلطة الأخير الذي إذا أغاظه الإنسان بارتكاب الكبائر فلا سبيل له إلى النجاة، فلذلك يقول:(أين الدعاء من إغاظة السماء؟).
لا فرق بين (سماء) كانفوشيوس و (سماء) مونشيوس لأن الثاني تلميذ الأول، فهو يحذو حذوه في التفكير والبحث الفلسفي؛ وأما (مائي تس) فدينه دين المحبة والمؤاخاة، يحب الصلاح والسلام ويكره الفساد والقتال؛ ومبادئ حبه تشابه مبادئ الدين المسيحي، وأصول أخوته تماثل أصول أخوة الإسلام؛ لكنه لم يضع نظاماً لإظهار هذا الحب وهذه الاخوة فالكف عن القتال والنهب والامتناع عن السرقة والحسد في اعتقاده من دواعي التحاب ومقويات التآخي، وغير ذلك.
هذه الديانات كلها تخالف الإسلام في مسألة الحشر والنشر والحياة بعد الموت من جهة الاعتقاد، وفي مظاهر العبادات من حيث العمل - لأن أهلها لا يعتقدون بالحشر والنشر، ولم يأتوا بنظام خاص للعبادات - لعل هذا هو السر الذي يبقي أهل الصين في معتقداتهم القديمة مع أن أغلبهم دانوا بالديانة البوذية التي أصلها من الهند، وهذا التدين لم يحدث في