حينما بدأت هذه الكلمة كان أمامي ديوان البحتري مفتوحاً فوقع نظري على بيتين من الشعر لا أدري من الممدوح فيهما، ولكني رأيتهما ينطبقان على عبد الله بن الحسين، رحمة الله عليه:
لو أن كفك لم تجد لمؤمل ... لكفاه عاجل وجهك المتهلل
وتصرفت بك في المكارم همة ... نزلت من العلياء أعلى منزل
رحم الله الملك الراحل! لقد مات ميتة الشهداء وانتقل إلى الرفيق الأعلى. ولقد (كانت قوة مؤثرة في سياسة الشرق والغرب) كما قال عنه الأستاذ أحمد حسن الزيات بك في مقاله الافتتاحي الذي أثار شجوني، ودفعني إلى الكتابة. وأنا الذي آليت أن أعتكف في المسائل العربية منذ أمد طويل، فجاء مقال الأستاذ الكريم وذكريات الملك الراحل، الذي تشرفت بمعرفته عن كثب، وعاشرته وحظيت بوده وكرمه وبعطفه، مدة من الزمن، فحملني كل أولئك على أن أتكلم. لقد أنهى عبد الله بن الحسين، ولم يعد يرهب الناس ولا يجتذب لصفه أحداً يقال أننا نخدم سياسته وندعو إلى عترته ونحاول إعطاءه لوناً براقاً إنها كلمة الحق، وصورة واضحة، لا نقصد منها سوى تسجيل حياة عاهل عربي عظيم، قد أصبح بين يدي الله وفي ذمة التاريخ
إنني لا أزال أذكر أول لقاء معه في قصره بعمان في حجرته التي كان يخلو فيها مع بعض أخصائه، ليقرأ الكتب ويلعب الشطرنج، وكان ابن عمي ضابطاً في الجيش العربي، إذ لنا فرع من عائلتنا استوطن هذه البقاع منذ أكثر من أربعين عاماً، وهو الذي قدمني للعاهل كأحد موظفي السفارة المصرية في أنقرة. وكان هذا اللقاء في صباح يوم الأحد ٦ مايو سنة