[رسالة الشعر في ظلال الأرز]
للأستاذ امجد الطرابلسي
قلبيَ يا ابن الفناء! ماذا ... يُصِيبكَ في هيكلِ الخلودِ؟
أيُّ جمالٍ تَراه يبدو ... يا قلبُ في مَقْبَرِ العهود؟
وأيُّ لحنٍ هناك يشدو ... به وُجومُ المدي البعيد
أراكَ يا أيُّها المُعَمَّى ... في الأرض كالهارب الطّريد
تَفِرُّ من نَقمةِ البرايا ... وتَتَّقي زحمةَ الوجود
تمشي على هامش الفَيافي ... مُجتنباً رنّةَ القُيود
مُلْتمساً ملجأً بعيداً ... عن الوشاياتِ والحُقود
كالوحش ليستْ تَقَرُّ عيناً ... إلا ببيداَء خلفَ بيدِ
بالأمسِ في بَعْلَبَكَّ، ذكرى ال - زّمانِ من عِزِّهِ التَّليد
قمتَ على رسمها تُغَنَّى ... غناَء مُستوحشٍ عَميد
غنيّتَها رائع المعاني ... يميسُ في أجملِ البُرود
واليومَ في الأرْز يا فؤادي ... وغابِهِ الأعطرِ البَرود
في حِضْن لُبنانِهِ المُوشّى ... وعرسِه الضاحكِ السعيد
تُجَنّ في بَحْرِكَ القوافي ... كالموجِ في الزّاخرِ المديد
ويحكَ يا قلبيَ المُدَوي! ... يا نبعةَ الحبّ والقصيد
درُّك صُنْهُ ولا تبدِّدْ ... يتيمَهُ البكرَ في الصّعيد
كَرِّمْهُ يا قلبُ فهو أغلى ... من الدّمِ الطاهرِ الشهيد
تَعَوَّدِ الصمتَ فهو أولى ... بالحرّ في دولة العَبيد
خيرُ صلاةِ الحزين دمعٌ ... يَفيضُ من ناظرٍ شَرود
يا أَرْزَ لبنانَ! يا مُصَلى ... ما فاتَ من غابرِ العهودِ
أليسَ في دوحِكَ المُعَلىّ ... أَرائِكُ الأَعْصُرِ الهُجودِ؟
تَفَيَّأَتْ ظلَّه وأغضتْ ... من بعدِ إعيائِها الشَّديدِ
يا مريضَ الثلج يا مَحَطَّ ال - نُّجوم يا مأمنَ الشَّريدِ!