أشرق على مصر فجر جديديبعث الضوء والأمل، ويطرد الظلام واليأس، وقد أحس كل مصري انه بدأ يعيش لوطنه ونفسه، بعد أن كان يعيش غريباً لغيره، فأخذ يفكر في مهمته، ويبحث عن خير مصر، ويعمل على رفعتها بين الأمم بعد أن تمهدت الصعاب، واستوى السبيل الواضح أمام السائرين.
والمعلم ذو رسالة سامية في امته، فهوالذي يخط سطور المستقبل، ويبني صرح الحياة، إذ يتعهد الناشئ بالتربية والصقل والتقويم، ويبعث في رجال الغد قوة عاتية تحطم الأغلال والسدود، ويخلق فيهم يقظة واعية تتفهم الأمور وتدرك الأسباب، وقد حرص على أن يقوم بمهمته الشاقة في دأب وكفاح، دون أن تعوقه المدافع والحوائل، ليرضي ضميره المتيقظ في أحنائه، ويقضي حياته مثلوج اصدر، هانئ البال.
وقد وفق المعلمفي أداء رسالته إلى حد كبير، ففي العهد الماضي حينما كان الظلام الدامس يرين على الآفاق في كل مكان فالصحف مكمممة الافواه، لا تسطر غير ما يرضي الباطل ويغضب الحق، والألسنة المخلصة معقولة حبيسة، تحاول النطق فلا تستطيع، الأحرار في كل ناحية يلاقون من البلاء والعنت، ما يوهي العزائم ـ ويفت في الاعضاء،!! حينما كان ذلك كله، كان المعلم يجد في ميدانه متسعاً فسيحاً لإيضاح الحق وإزهاق الباطل، فهو يتحدث إلى تلاميذه كما يتحدث الوالد إلى أسرته، كاشفا ما يرتكبه الآثمون من ضروب الخيانة والرشوة والطغيان، وقد يضطر إلىالتلميح حينما يخشى المغبة المخفية، ولكنه لا يني عن أداء رسالته المخلصة لوطنه وأمته ودينه، لذلك كان التلاميذ في كل مدرسة من مدارس القطر أول من هتفوا بسقوط فاروق وهو في شوكته وسلطانه وجنده، بل انهم حاصروا وقصوره اسمعوه من السباب والتهكم ما اقض مضجعه، وشرد النوم عنعينيه، وبذلك أتيح للمعلم أن يخلق واعيا يعرف الخائن والمخلص، ويميز الطيب من الخبيث.
ولقد اجتهد النفاق الآثم في تزييف الحقائق، وتشويه الوقائع، فامتلأت الكتب المدرسية بالثناء الكاذب على الأسرة العلوية، وجعلت كل طاغية فاسق من أبنائها الفجرة ملاكاً