للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الأدب الإنجليزي]

شكسبير والمعاصرون

للأستاذ جرجيس القسوس

كان ظهور شكسبير في عالم الشعر وائتلاق نجمه في الأوساط الأدبية وهو الرجل غير المثقف من المعجزات ذلك العصر بل كلُّ العصور بالحقيقة، فقد كان يتنازع الشهرة الأدبية بزعامة الشعر فريقان، الأول مكون من رجل واحد هو كرستوفر مارلو الشاعر النابغة الفحل، والثاني يتزعمه توماس ناش وأغلب أعضائه من الشخصيات العلمية الجامعية، فناش وصحبه تخرجوا في جامعة كمبردج وغيرها من كبريات الجامعات في إنجلترا.

وبالرغم من اشتداد التنافس والتناحر بين هذين الفرقين فقد كان من المسلم به أن مارلو هو الزعيم الأدبي والشاعر العبقري غير مدافع.

لكن الخطر كلُّ الخطر داهم هذه الشخصيات العلمية الجامعية بظهور ممثل من عامة الناس لم يكن له شأن من قبل أو خطر، أخذ في تأليف المسرحيات على شتى أنواعها، والتجديد فيها وإعدادها لفرقة تشمبرلن التمثيلية بمظهر ملائم ذوق الناس الأدبي.

وقد سبق أن نشر شكسبير من قبل قصيدتين مذيلتين باسمه الصريح، فلفت إليه الأنظار، وجعل الأدباء يرمقونه بروح الدهشة والقلق والإشفاق، كلُّ ذلك في ٣ سبتمبر ١٥٩٢ حين وافى الأجل الأديب المعروف روبرت جرين تاركاً مقالاً محفوظاً، فتولى هنري تشتل نشره في الثامن من ديسمبر من تلك السنة، وفيه تعريض بهذا الشاعر الطارئ الحديث الشأن كما سترى. بيد أن تشتل عاد فنشر اعتذاراً من شكسبير وثناءً عليه لدماثة خلقه وأمانته واستقامته، وكذلك لسمو فنه الأدبي، وفي ختام مقاله يخاطب جرين ثلاثة من المؤلفين المسرحيين هو مارلو وتوماس لودج وجورج بيل ناصحاً إياهم أن ينصرفوا إلى غير مسائل التأليف. وفيه ترد العبارة المشهورة التي تشير إلى ظهور شكسبير ((ذلك الغراب المحدث، المتزين بريشنا، الذي بمجرد قوله (قلب النمر المكتسي بجلد الممثل) يعتقد أنه يجيد نظم الشعر المرسل كأحسن الشعراء. هذا الشخص الذي (يحذق حرفاً عديدة)، وهو ظنه (الشيكسين) الأوحد في بلده).

ومن الجلي الواضح أن جرين بذكره (لقلب النمر المكتسي جلد الممثل) إنما يشير إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>