إن أهم ما اهتم به النبيون والمرسلون صلوات الله عليهم أجمعين ثم الفلاسفة الأقدمون والمتأخرون؛ والعلماء المؤلفون، معضلات عصورهم التي تهم الفكر العام. وعليها يتوقف تحسين حال مجتمعهم وإن كان في غفلة أو إغفاءة عنها في بعض الأوقات.
ففي عصر نبينا العربي عليه صلوات الله وسلامه، كان أهم معضلة هي الوثنية وفساد المعتقد وتنوعه في جانب الله؛ وعن ذلك ينشأ تشتت الأفكار، وفداحة الجدل. ثم رداءة حال العرب بل العالم من حيث افتقاره إلى شريعة منظمة تكون رابطة متينة للمجتمع تذهب بها فوضى الحقوق والأخلاق، وتنتظم بها الأحوال وتتناسق الأعمال.
وهكذا النبيون قبله، ما من رسول إلا وقد جاء بحل أهم المعضلات، وأعقد المشكلات؛ وكذلك الفلاسفة اليونانيون وغيرهم ما كانت فلسفتهم إلا لحل مشكلات عصورهم، يعلم ذلك من يتتبع موضوعات مؤلفاتهم المتنوعة.
ثم كان علماء هذه الأمة الكريمة على ذلك، فتجد أكثرهم يؤلف في النوازل التي تنزل أو يتوقع نزولها بعد المعضلات. وبالنظر في كتب الفتاوى والأحكام يتبين ذلك، بل لا تجد كتاباً في فن إلا والقصد منه سد فراغ وكفاية حاجة من حاجات المجتمع في نظر مؤلفه.
بناء على هذه السنة جعلت هذه الأوراق أجوبة على أسئلة ثلاثة وردت عليّ من عالم نبيل من علماء أشقودرة (ألبانيا) يطلب مني الجواب عنها وهي:
١ - لبس البرنيطة ٢ - قبض مرتب بدون عمل ٣ - مفتريات أهل الطريقة التجانية.
وهذا نص السؤال، ويليه الجواب:
(صاحب الفضيلة والسماحة والأيادي الجليلة، لا زالت أعماله مشكورة، وآثاره مبهورة، الأستاذ الكبير الإمام الشيخ محمد ابن الحسن الحجوي الثعالبي الجعبري وزير معارف