للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المرأة والفن]

للأستاذ عباس محمود العقاد

ليس أكثر من المرأة في هذه الدنيا

وليس أخطأ ولا أضل مع هذا من الكلام عنها بين الرجال والنساء على السواء

كأنهم يتكلمون جميعاً عن (عينة) نادرة في بقعة من بقاع الأرض النائية، أو عن بقية من مخلفات العصور الأولى في قارورة مغلقة عليها، أو كأنما هذه المرأة التي نحسبها آدمية - كما قال بعض العلماء - إن هي إلا أنثى حيوان داثر تغلب عليه الإنسان وانتزعها منه لفاقة أصابته في نسائه. وليست هي في النوع الإنساني بالأنثى الأصيلة فيفهمها الرجل وتفهمه كما يتفاهم الزوجان من جنس واحد

وسر هذا الخطأ والضلال فيما نرى هو أن المرأة خلاصة الحياة الحسية كلها، فلا محيص من الخطأ فيها إذ لا محيص في الحياة الحسية من التجدد والتناقض، ومن رؤية الشيء الواحد على شتى الوجوه، حسبما تعرضه لنا المناسبات والطوارق التي لا يضبطها عنان

ومن أكثر الأهداف عرضة للخطأ في موضوع المرأة كلام الناس عن نصيبها من الفنون الجميلة ونصيب الفنون الجميلة منها. نلمح ذلك كلما كتبنا عن المرأة ووحي الفن، أو المرأة وحقيقة الجمال، أو المرأة والشعر والشعراء، ولمحناه في العهد الأخير بعد مقالنا في الرسالة عن (بيفردج والمرأة) حيث نقول إن النساء روائيات مجيدات وشاعرات مقصرات؛ لأن الشعر ابتكار واقتدار على الإنشاء، وليست المرأة مشهورة بالابتكار حتى في صناعاتها الخاصة بها كالطهي وصناعة الملابس والتزيين، وزدنا فقلنا: إن الشعر وأساسه الغزل (هو وسيلة الرجل لمناجاة المرأة، وقد تعودت المرأة بفطرتها أن تكون مطلوبة مستمعة في هذا المجال. فهي لا تحسن الشعر كما يحسنه الرجل، وعلى هذه السنة تجري جميع الذكور في أنواع الحيوان حين تسترعى أسماع الإناث بالغناء أو الهتاف والنداء

قلنا هذا فلم نر أكثر من المستغربين أن تكون المرأة عالة على الشعر وهي مصدر وحيه إلى الشعراء فيما يقولون. مع أن المسألة هنا مسألة واقع محسوس وعلة معقولة، وليست مسألة فروض أو مذاهب تفكير. فنحن نقول: إن إجادة المرأة للشعر نادرة في آداب الأمم قاطبة، فمن شك في ذلك فعليه أن يذكر أسماء الشواعر الكثيرات اللوائي يكذبن ما نقول من

<<  <  ج:
ص:  >  >>