وكتاب الأسفار من الكتب الفلسفية المهمة، وقد أكسب مؤلفه شهرة عظيمة جعلته في عداد كبار فلاسفة الإسلام. فإنك إذا ما قرأت الكتاب شعرت بأهمية المؤلف وبالمسائل العويصة المدونة فيه. وبالأفكار والنظريات الفلسفية العويصة المسطرة في صحائف السفر العظيم. تذكرك بكتب ابن سينا أو محي الدين بن العربي أو الطوسي وبأمثالهم من فلاسفة المسلمين. وقد غلط المستشرق كوبينو في ترجمة عنوان الكتاب إذ توهم فظن أن المقصود من (الأسفار) السياحات ولذلك اختار كلمة والحال أن مقصود المؤلف من كلمة (أسفار) جمع (سفر) ومعناها الكتاب. ومقصود المؤلف من (الأسفار الأربعة) الكتب الأربعة لا السياحات الأربعة كما ظن ذلك هذا المستشرق المذكور.
راجت كتب الملا صدرا رواجاً عظيما وشرحت عدة شروح وظلت آراؤه فيما وراء الطبيعة تحتل مكاناً بارزاً في عالم الفكر الإسلامي حتى اليوم. ولا زالت كتبه تستعمل في الجادة القديمة لمن تقدم في موضوع الفلسفة كما تستعمل كتب ابن سينا أو ابن رشد. وقد أثرت آراؤه هذه على الأخص في الهند وإيران والأفغان فأوجدت بعض المذاهب الإسلامية التي لم تلبث أن أصبحت مذاهب دينية ذات مناهج مستقلة مثل مذهب (الشيخية) المنسوب إلى الشيخ أحمد بن زين الدين الإحسائي المتوفى سنة ١٢٤٣ للهجرة ولسنة ١٨١٧ - ١٨٢٨ للميلاد.
تأثر الشيخ أحمد الإحسائي بآراء الملأ صدرا كثيراً فشرح بعض كتبه مثل كتاب (الحكمة العرشية) وكتاب (المشاعر) وهو عيال على الملأ صدرا على الأخص في موضوع ما وراء الطبيعة. وبالنظر إلى ما كان يظهره من غلو في بعض الآراء نفر الناس منه والتمس الشيخ حاميا له ومعيناً، وكان ذلك الحامي هو الأمير محمد علي ابن فتخلعي شاه حاكم مدينة (كرمانشاه). ولما توفي هذا الحاكم اضطر إلى مغادرة إيران والالتجاء إلى (الحائر) المقدس في العراق حيث ألف كثيراً من كتبه وشرح ما راقه من كتب الملأ صدرا المهمة وبعض الكتب الأخرى. وقد عرف اتباع الشيخ أحمد باسم (الشيخية) وهم جماعة خاصة ظهرت