(هذا الوضع الاجتماعي السيئ الذي تعاني منه الجماهير في
مصر غير قابل للبقاء والاستمرار)
بهذه الجملة أفتتح المؤلف كتابه القيم ثم استمر يقول إن هذا الوضع (مخالف لطبيعة الأشياء ولا يحمل عنصرا واحدا من عناصر البقاء. . . إنه مخلف لروح الحضارة الإنسانية، مخالف لروح الدين، مخالف لروح العصر. ذلك فوق مخالفته لأبسط المبادئ الاقتصادية السليمة؛ ومن ثم فهو معطل للنمو الاقتصادي ذاته بل النمو الاجتماعي والإنساني) ثم استطر يقول (إنه وضع شاذ، يهدر الكرامة الإنسانية ويفسد الخلق والضمير ويقضي على كل معاني العدالة، ويقتل الثقة الضرورية في المجتمع والدولة وينشر القلق ويذهب بالاطمئنان).
وانبرى المؤلف الفاضل يبسط كل هذا ويتوج أدلته بالآية الكريمة (وإذا أردنا إليه نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا).
وقد جعل من هذا كله (صيحة نذير) أنذر بها الذين يتشبثون بهذا الوضع الشاذ ويقيمون له الإسناد وهم ما بين مستغل يعز عليه إليه يساهم في التكاليف لإقامة المجتمع الصالح، وطاغ لا يرى ألا إليه يقوم المجتمع على السلطان الزائف، ومستمتع مرن على الاستمتاع الفاجر، ورجل دين محترف باع نفسه للشيطان بدراهم معدودة، وهو جميعا يلقون بأيديهم إلى التهلكة ومعهم أوطانهم المنكوبة ما لم تأخذ هذه الأوطان على أيديهم وفي الوقت متسع ولا غرابة، فالحقائق لا تعالج كما نعالجها نحن اليوم بالخطب والمواعظ والفتاوى المحتالة، ولا بكم الأفواه وحطم الأفلام. والمعدات الجائعة لا تفهم المنطق ولو كان صحيحا (وعلينا إليه ندرك هذا قبل فوات الأوان. ولقد أوشك والله إليه يفوت الأوان).