حيّاك الله - يا صاحب الرسالة - وبياك، ولا زلت موفقاً راشداً تنافح عن الحق، وتدعو إلى الخير، وتهدي إلى الصواب.
وجزاك الله خيراً عن (الأزهر) أنت وصاحب (العبقريات) عباس، فلقد نوهتما به في الناس، وما كان خاملا، ولكن بعض الذكر أنبه من بعض، وأقررتما حقه في حياة عزيزة كريمة، يرفع بها لواء الإسلام، ويذود عن حمى الدين، وينشر ثقافة العرب، ويحفظ التراث الغالي الذي لم يبق على ظهر الأرض من يستطيع أن يحفظه سواه!
ولا زالت (الرسالة) الغراء مشرق نور، ومصدر علم وأدب ومنتدى رأي وحكمة، ومحجة صلاح وسداد. . .
أما بعد فإن الأزهر من حيث نظامة، وأقسامة، وخططه، ومناهجه، وقوانينه، ولوائحه؛ لا يكاد ينقصه شيء: جمع بين الحديث والقديم في نظام رتيب رزين لا إفراط فيه ولا تفريط، وقرر من الكتب والدراسات والأساليب ما هو أدنى إلى تحقيق غايته، وتقريب رسالته مع احتفاظه بشخصيته التاريخية، وطابعه القومي الإسلامي، وقسمّ مراحل التعليم فيه أقساماً لا يستغني لاحقها عن سابقها، وأعد للدراسات العلى وللاخصاء كليات ثلاثاً، له أن يزيد عليها كلما قضت لذلك حاجة العلم توسعاً وإخصاء، وفيه إلى ذلك (جماعة) ذات شأن وخطر، كفل لها القانون حصانه، وجعل لها مقاماً محموداً، ومنحها سلطاناً أي سلطان في شئون العلم والدين، وله مع هذا مجلة تحمل اسمه الرنان وذهبه الرنان أيضاً!، وللمجلة (مدير) عظيم!. . . و (مدد) من الكتاب كذلك عظيم. . .
هكذا الأزهر في نظامه وأقسامه، وخططه ومناهجه، وقوانينه ولوائحه، وهو من هذه الناحية بخير والحمد لله، وإن كان في بعض التفصيل محتاجاً إلى تهذيب أو تقويم.
وكان فضيلة الأستاذ الأكبر المغفور له فضيلة الشيخ المراغي يعتقد - ويعتقد معه رجال دعوة الإصلاح - أن هذا النظام في جملته هو خير النظم، وإن الأزهر لا يحتاج إلى تعديله، وإنما يحتاج إلى (تنفيذه)، وليس الغرض تنفيذه شكلا ومظهراً، ولكن جوهراً