ترجمة الكلمة التي ألقاها الأستاذ عزام بالفارسية على قبر
الشاعر في طوس
لست أريد أن أفصل الكلام في الشاهنامة أو بعض مباحثها الكثيرة. فأدباء إيران الكرام أعرف بذلك وأقدر عليه، ولكني أريد أن أتقدم إليكم بكلمة موجزة تبين عن مكانة الشاهنامة في آداب الأمم ولا سيما الأمم الشرقية:
قال بعض المؤلفين إن الشاهنامة إلياذة الشرق. وذلك التشبيه غير صحيح من بعض الوجوه، فأن الشاهنامة جديرة أن يكون لها بين أمم الشرق مكانة أرفع من مكانة الإلياذة بين أمم الغرب. ذلكم بأن الإلياذة قصة حروب وقعت في معترك ضيق من آسيا الصغرى بين اليونان والطرواديين. وهي زهاء ثمانية آلاف بيت، تستمر حوادثها ستة وخمسين يوماً. والشاهنامة تقص حادثات ميدانها ما بين الهند والصين إلى البحر المتوسط، وتشمل كل وعت الروايات من تاريخ الأمة الإيرانية وأساطيرها من أقدم عصورها إلى العهد الإسلامي، ويشترك في وقائعها التورانيون والعرب والروم والهند، ولا تحرم الصين من نصيب فيها. فكل أمم آسيا العظيمة وبعض أمم أوربا يتناولها موضوع هذا الكتاب العظيم. فقد أوعى الكتاب من التاريخ والأساطير ما هو جدير بعناية المؤرخ الناقد، مؤرخ السياسة أو مؤرخ الأدب والاجتماع
وصفت الشاهنامة نشوء الحضارة الإيرانية وتطورها، وقصت تاريخ الإيرانيين ملوكهم وأبطالهم وكبرائهم في القرون المتطاولة، وأبانت عما كان بينهم وبين الأمم المجاورة من عداء ومودة، وحرب وسلم. وصفت الجلاد الهائل المستمر بين إيران وتوران، ثم مثلت ما كان بين الأمتين من جوار ومودة في القرابة بين ملوك إيران وتوران، إذ جعلتهم جميعاً بني أفريدون، ثم وصلت هذه القرابة بمصاهرات عديدة: كتزوج سياوخسن بن كيكاوس جريرة بنت بيران أعظم قواد التورانين، ثم فرنكيس بنت أفراسياب أعظم ملوك توران،