للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

قصة من الأدب الروسي الرفيع:

الملاك. . .

للفيلسوف الروسي الكبير لوي تولستوي

بقلم الأستاذ مصطفى جميل مرسي

- ٣ -

طفقت المرأة تحدثهم بقصة هاتين الطفلتين. . . وقد شاع الحزن في صوتها، وأرتسم الألم على جبينها فقالت:) إنها لقصة فاجعة. . .! لقد قضى أبوهما يوم الثلاثاء، ولحقت به أمهما يوم الجمعة بعد أن وضعهما. . . وكنت أنا وزوجي نعيش ككل الفلاحين في بساطة عيش ودقة حال، وكانت دارنا مجاورة لدارهم. لقد مات أبوهما وكان يقطع الأخشاب في الغاية تحت جذع شجرة هوت عليه من حالق، فسمعته وفاضت روحه قبل أن يبلغوا به الدار.

وبعد ثلاثة أيام. وضعت زوجته هذين التوأمتين - ولم يكن لها من ناصر أو معين فوضعتهما وحيدة. . . ولقيت منيتها وحيدة. . .! وفي اليوم التالي توجهت إليها، أنظر ما آلت إليه حالها. . . فما كدت أتخطى الكوخ، حتى وجدتها متيبسة الجسد وقد علت وجهها صفرة الموت. . . وتدحرج جسدها فوق هذه الطفلة، فأصاب ساقها العرج. . .!

وجاء القوم من القرية - وكلهم حزين، يأكل قلبه الألم - فكفنوها في خال وحملوها إلى المقبرة، ودفنوها جوار زوجها. . . لقد كانت الطيبة تملأ نفوسهم والعطف يفيض من قلوبهم. . .! ولكن هاتين الطفلتين أصبحتا ومالهما من ولي أو كفيل. . . وكنت حينئذ المرأة الوحيدة في القرية التي عندها طفل لم يتجاوز أسبوعه التاسع. . . فضممتها إلى صدري. . . وعدت بهما إلى كوخي. فلما اجتمع الفلاحون راحوا يفكرون ويطيلون التفكير في أمرهما، وأخيراً، قالوا لي: عليك العناية بهما الآن يا ماري. . . وسوف ندبر أمرهما فيما بعد. . .!)

فأخذت على عاتقي أن أرضع هذه الطفلة الصحيحة، وأدع العرجاء. . . فما كنت أحسب أنها ستعيش. ولكني تساءلت: بأي ذنب تعاني هذه الطفلة ألم الجوع؟! فما لبثت الرحمة أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>