للأستاذ حسن جلال. القاضي بالمحاكم الأهلية ومؤلف حياة نابليون
والثورة الفرنسية
أصبح معنى العدالة في البلاد التي لها (قوانين) كمصر غير معناها في البلاد التي ليست لها قوانين مكتوبة كإنجلترا مثلا. ومعنى العدالة في مصر أن تطبق القوانين على الناس بالسواء. ولذلك أمكننا أن نسمع هنا من يقول (إن المساواة في الظلم عدل!) وكان ينبغي البحث عن وسيلة أخرى لضمان العدالة الحقيقية لا العدالة التي كل أساسها تساوي الناس ولو عند توزيع الظلم. لأن من القوانين ما لو طبق بحرفه لكان الظلم بعينه. وكل حالة من الحالات التي يراد تطبيق القانون عليها لها ظروف خاصة تجعلها تختلف عن غيرها من الحالات. فتطبيق نص القانون حرفياً على كلا الحالين دون مراعاة لهذهالظروف هو الإجحاف بعينه. وإن كان يتسير تحت اسم تطبيق العدالة باتباع نصوص القوانين. ولهذا السبب قال الفرنسيون وهم أئمة القانون المكتوب في العالم: ,
(القانون يقتل بحرفه ويحيي بروحه). والمعنى أن القاضي الذي يطبق نص القانون بالحرف دون مراعاة للظروف قد ينتهي إلى عكس النتيجة التي يصل إليها القاضي الذي ينظر إلى روح القانون ويراعي ظروف الأحوال.
هذه مقدمة جافة ربما كانت غير شائعة عند من لا يهمه الدخول في تفصيلات علمية. ولكني أسوق مثالا للإيضاح يتبين أنه معنى ما أردت أن أصل اليه:
رجل يبيع الفاكهة على عربة يدفعها بيديه يطوف بها الأسواق والطرقات. هذا رمان، وهذا بلح، وذاك عنب، وذلك غير ذا وهذا وذاك. والرجل له زوجة صغيرة السن لم تفرغ بعد من سلخ عقدها الثاني، وللزوجين طفلة رضيعة تحملها الأم على كتفها لأنها لا تزال في ذلك الدور الذي يكون فيه الأطفال أقرب إلى الطفيليات منهم إلى الكائنات الآدمية المستقلة.
هؤلاء الثلاثة هم أشخاص القصة. . .
أما القصة فتبدأ كما يأتي:
تقدمت للمحكمة هذه الأسرة بأفرادها الثلاثة وتهمتها أن الأبوين أحرزا مادة مخدرة (أفيون) بدون مسوغ قانوني، وطلبت النيابة فيما طلبت تطبيق نص المادة ٣٥ من قانون المخدرات