للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

ابراهام لنكولن

هدية الأحراج إلى عالم المدنية

للأستاذ محمود الخفيف

يا شباب الوادي خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من

سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . .

لم يتردد في العمل على إبطال قرار فريمونت على الرغم مما بدا له من تحمس الرأي العام له ومظاهرته إياه فيه على نحو ما بينا؛ ولقد كان من أبرز خلال أبرا هام أنه كان لا يعرف التردد أو النكول إذا هو عقد النية على أمر اقتنع بصوابه واطمأن إلى نفعه ووثق من مقدرته على الاضطلاع به؛ وما جرب عليه من عملوا معه أنه صمم قط على رأى ثم انصرف عنه، ولذلك كانوا إذا عزم أذعنوا طوعاً أو كرهاً فما لهم من ذلك بد. . .

وتصرف لنكولن تصرف السياسي الحكيم، فكتب إلى فريمونت يسأله أن يعدل قراره وأن يظهر للناس كأنما يفعل ذلك من تلقاء نفسه؛ ولكن فريمونت لم يذعن لذلك وكبر عليه أن يتراجع؛ فلم ير الرئيس بدَّا من أن يعلن قراراً عدل به قرار فريمونت غير عابئ بما كان من مخالفة الرأي العام له ولا وجل من تصايح الصائحين من دعاة التحرير. . . وبذلك العمل الحازم الحكيم قضى الرئيس على نذير من نذر الفرقة والتنابذ، وكسب بذلك وقوف ولاية كنتولي إلى جانبه. . . ولا تتحسبن الرئيس كما تقول عليه خصومه ومخالفوه في الرأي من أنصاره، قد اتخذ بذلك سبيلاً رجعية؛ كلا، إنما هي السياسة الحكيمة تقضى عليه ألا يتنكب الطريق التي رسمها منذ شبت الحرب، ألا وهي جعل المحافظة على الوحدة أساس هذا الصراع القومي؛ أما مسألة العبيد فما هو بغافل عنها وإنما هو يؤثر الأناة حتى تتهيأ الفرصة. . .

هذا ما كان من أمر فربمونت؛ أما ما كليلان فلقد ظل يدرب جيشه على حدود فرجينيا وهو لا يفتأ يرسل إلى الرئيس يطلب فرقاً جديدة، ولا يفتأ يتبرم بأي استفهام يأتيه من قبل الرئيس عما هو عسىُّ أن يفعله؛ ولقد كان هذا القائد الشاب يكره من الحكومة تدخلها في

<<  <  ج:
ص:  >  >>