[شهداء الإنسانية]
للأستاذ عبد الرحمن شكري
مقدمة
شهداء العلم والإصلاح يزدحمون على باب الحياة ويسألون كل هالك: هل تحقق الخير الذي بذلوا حياتهم من أجله؟ فتدركه الحيرة! أيكذب كي يدخل على قلوبهم الاطمئنان، أم يصدق فيفجعهم في آمالهم، أم يغريهم بالصبر الطويل كصبر الأحياء على الشر، أم يغريهم بالعودة إن استطاعوا إلى كفاح الحياة. وإذا استطاع أن يعزي الشهداء الموتى فماذا يقول للشهداء الأحياء:
الناظم
على باب الحياة أرى زحاَماً ... من الأشباح عجَّ بهم وسالا
من العهد القديم إلى زمان ... حديث قد مضوا زُمراً تَوالى
هُمُ ضَحَّوْا بهذا العيش كيما ... يطيبَ العيش للأحياءِ حالا
إذا ما هالك ألفوه ظلوا ... على شغف يعيدون السؤالا:
بربك هل مضى قدرُ بِشَرِّ ... وخبث النفس هل أودى وزالا
وهل جفَّت دموع الناس طرا ... وهل بلغوا من العيش الكمالا
وذل الجوع هل قد زال عنهم ... وكان سوادهم هَمَلاً مُذالا
وجهل يغتدي بالناس بُهمْاً ... يُصَرَّفها يميناً أو شمالا
وهل غلبوا من الشهوات ما قد ... عدا سلطانه فيهم وغالا
أصار العيش من مِقَةٍ وأَمن ... وكان العيش لؤماً واقتتالا
أعاد العيش عدلاً واعتدالا ... وكان العيش مكراً واغتيالا
بربك لا تقل إنّا غُبِنّا ... وإن هزأ الحِماَمُ بنا وصالا
أيفجعهم بآمالٍ عِزَازٍ ... وما نال الردى منها منالا
يقول لهم: لقد رُمُتْمُ خيالا ... وأسديتم وضحيتم ضلالا
أيسكت والسكوت له معانٍ ... أيخدعهم وما ألفوا احتيالا
أيغريهم بصبر مثل صبر ... لدى الأحياء دام لهم وطالا