للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رحلة إلى حدود مصر الغربية]

مرسى مطروح، سيوه، السلوم

للأستاذ الرحالة محمد ثابت

شددت رحالي إلى الناحية الغربية من الديار المصرية، تلك الناحية التي نجهل عن أهلها الشيء الكثير، فكان أن بدأت بخط أدكو ورشيد، فمررنا بأراض شبه صحراوية، بها مزارع متناثرة غير متصلة، وبخاصة حول أدكو، وهنا أدهشني نشاط الأهلين في الكد وراء كسب عيشهم حتى الأطفال، فتراهم لا يضيعون من وقتهم شيئاً، يخرجون جماعات لصيد السمك أو الطيور، ويتجرون في ذلك كباراً وصغاراً، وأنت ترى جموعهم تتهافت على القطار يعرضون عليك سلعهم هذه، فإن أعوزهم المشترون عكفوا على دورهم يأكلون ما تخلف معهم من سمك كثير وطير وفير؛ لذلك كنا نلمس في أجسادهم وفرة التغذية والامتلاء، ومن السلع المنتشرة هنالك البيض والليمون، أما غابات النخيل فهي في كثرة فائقة، ومنها نستمد البلح الرشيدي (الزغلول) ذائع الصيت. ولقد مررنا بتفتيش إدفينا، وهنا تجلت المجهودات الجبارة التي بذلت في استثمار تلك الأراضي التي كانت بائرة نزة، فلقد زودت بالمصارف والمضخات والقنوات، فأضحت جنة يانعة، وهي ملك للخاصة؛ ويا حبذا لو شمل ذلك الإصلاح ما جاورها من متسعات لا يزال أمرها مغفلاً مهملاً، وهنالك بعض الشركات الأجنبية تشتري المساحات الشاسعة وتتعهدها بالإصلاح، فهلا قامت الحكومة بذلك أو ساعدت الأهلين عليه حتى لا تزيد في ملكية الأجانب وامتيازاتهم في بلادنا؟ دخلنا رشيد فحاكت بلدا عتيقاً، بيوته بالآجر الأحمر الصغير لا يكسوه ملاط، وهي تقوم على النيل، ومن أظهر ما يسترعي نظرك مداخن لا حصر لها هي لمضارب الأرز أنشط جهات العمل في البلدة، وعلى مسيرة زهاء خمسة كيلو مترات يلتقي النيل بالبحر في لسان شبيه بذاك الذي في رأس البر، ولقد كان ماء هذا الشهر عذباً (أغسطس) بعد أن ظل مالحاً ستة شهور قبل ذلك من طغيان ماء البحر على النهر، وسيظل الماء عذباً بقية العام؛ ويجاور البلد عدد من الملاحات، ونرى زوارق الصيد يغص بها النهر والبحر، ومهنة صيد السمك رئيسية هنالك

عدت إلى الإسكندرية، وقمت صوب الغرب إلى مطروح مسافة تزيد على ٣٠٠ك م، ثلاثة

<<  <  ج:
ص:  >  >>