للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٦ - بديع الزمان الهمذاني]

للدكتور عبد الوهاب عزام

ويلحق بالديوان شعره في الرسائل والمقامات وذلك في معظمه قطع قصيرة جيدة

ثم شعر البديع عامة سهل جيد المعاني منقح الألفاظ يتجلى فيه تهذيب الكتاب، إذا إستثنينا الشعر المرتجل وشعر الألغاز ونحوه مما لا يقام له في الأدب وزن، ولكنه لا يبلغ الدرجة العليا إلا قليلا.

وبديع الزمان عند نفسه وعند الناس كاتب يقول الشعر، ولكنه يرى أن البليغ من أجاد الصناعتين: يقول في المقامة الجاحظية: (أن الجاحظ في أحد شقي البلاغة يقطف. وفي الآخر يقف. والبليغ من لم يقصر نظمه عن نثره، ولم يذر كلامه بشعره، فهل تروون للجاحظ شعراً رائعاً؟

نثر الهمذاني

في القرن الرابع الهجري بلغت الكتابة العربية درجة من الصناعة والتأنق لم تخل بسلامتها ولم تذهب بمعانيها. تولاها كتاب قادرون صرفوها في أغراض شتى، واختاروا من الألفاظ والأساليب الجميل المحلى، دون إغرب ولا اخلال بالمعاني. وتناولت الكتابة كثيراً من فنون الشعر، كالمدح والهجاء والغزل والوصف: إلى ما كان لها قبلا من الموضوعات، فاتسع المجال لذوي الفكر الثاقب والقلب الشعار، لم يقيدهم في النثر ما قيد الشعراء من الأوزان والقوافي والاصطلاحات. وكان كثير من الكتاب يلتزم السجع، ومنهم من يكتفي بالازدواج، وقليل منهم يرسل الكلام إرسالا. وفي هذا العصر نبغ أئمة الكتابة كابن العميد والصاحب والصابي والمهلبي وقابوس، والخوارزمي، وبديع الزمان. ولم يكن بديع الزمان كمعظم هؤلاء وزيرا أو ذا منصب، فلم تستغرق كتابته أمور الدولة وكثرت في رسائله الموضوعات الخاصة والعامة. واستبانت نواح من عصره في السياسة والأخلاق، والآداب وغيرها

وله في الكتاب أصحاب المناصب رسالة إلى أبي نصر المرزبان يقول فيها: كنت أطال الله بقاء سيدي ومولاي في قديم الزمان اتمنى للكتاب الخير، وأسأل الله أن يدر عليهم إخلاف الرزق، ويمد لهم أكناف العيش، ويوطئهم أعراف لمجد، ويؤتيهم أصناف الفضل، ويركبهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>