كان من اثر الاستعمار في البلاد الإسلامية أن سلبها حريتها، وألزمها خطة الانطواء على النفس، وركز فيها سوء الظن، وحرمها مزية التعاون، وكفها عن نشر دعوة ألزمهم دينهم نشرها؛ هي دعوة الإسلام
والإسلام دين لم يخص من الناس فريقا دون فريق، ولا عني بطائفة دون أخرى، وإنما على قوم كلفوا بأن يوسعوا مجاله بنشر تعاليمه حتى تشمل الكافة. وعلى كل من ينضم إليه أن يشارك السابقين إليه في الدعوة إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالجدل بالتي هي احسن
لكن الدعوة إلى تعاليم عالمية تستلزم أول ما تستلزم ضروبا من الحريات، منها حرية الكلام، وحرية الاجتماع، وحرية العقيدة
وهذه الحريات جميعا وسائر الحريات كبحها الاستعمار وبخاصة ما كان منها مؤديا إلى دعوة عالمية، فالاستعمار منفعة خاصة أساسها أنانية المستعمرين على حساب حريات الإنسانية العامة.
وفرط المسلمون في حق أنفسهم وحق دينهم بما أهملوه من التسلح بكافة الأسلحة، معنويها وماديها، فغلبهم المستعمرون على امرهم، وكبتوا مشاعرهم ذلك الكبت الذي لم يصل ولن يصل إلى اصل العقيدة، ولكنه وصل إلى وسائل نشرها، فلم يقو الاستعمار على رغم بطشه وظلمه على انتزاع الإسلام من الصدور ولكن قوته كانت كافية لمنع المسلمين من توسيع مجال الدعوى اليه، وهذا ركن أساسي فيه
واكتفى المسلمون قرونا بالتحدث عن مزايا الإسلام بين المسلمين، حديثا مادام بين مسلم ومسلم، فهو لا يشرح العقيدة المفروغ بين المسلمين من اعتقادها، وإنما يشرح الطقوس والشكليات، لأن هذه هي التي يحتاج المفروغ من أمر عقيدتنا الإسلامية إلى الاستزادة من