للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَصَصُ

قلب أم. . .

للأستاذ محمد سعيد العريان

صباحٌ ومساء، يقظةٌ ونوم، وأمنيةٌ بالنهار تتراءى حُلماً بالليل، وعجلةُ الزمن تدور فتطوي العمر وتختزل الحياة. . . هذه هي الدنيا. . .!

يا ويلتا!. . . وفي الناس من يعيش دنياه كما يدور الثور في الطاحون: يدور ويدور ولا يزال يدور؛ لا يدري أين ينتهي؛ ويمضي على وجهه في طريق طويلٍ لا يقف عند حد ولا ينتهي إلى غاية، وحوله أربعة جدران!

وهل الحياة إلا يومٌ مكرر؟

ما أمس؟ وما اليوم؟ وما غد؟. . . إن هي إلا رسومٌ متشابهة تتعاقب على مرآة مثبتة في جدار قائم. الصورة واحدة ولكنها تلوح وتختفي، وتزعم المرآة أنها ثلاثة شخوص أطافت بذاك المكان!

ولولا خداع النفس وأباطيل المنى ما طابت الحياة!

. . . واستيقضت (الأم) ذات صباح كما تستيقظ كل صباح؛ فأبدلت ثوباً بثوب وجثَتْ في محرابها تصلي لله وتدعو. . .

كانت تعيش وحدها في هذه الدار المتداعية منذ سنوات!

لقد فارقها (الرجلُ) فراق الأبد، وحمله الرجال على الأعناق إلى مثواه؛ ولكن ذكراه بقيت معها في ولديه. . .

. . . وبكرتْ إليه في الغداة تنثر الزهر على قبره وفي نفسها لهفة وفي عينيها دموع؛ ثم تحولت عنه إلى ولديه لتجفف في صدرهما دموعها!

وآلت منذ اليوم أن تكون لهذا الطفل وأخته أما وأباً. . . وبَرّت بما وعدتْ!

كان ذلك منذ أربع عشرة سنة!

أما الفتاة فقد شبَّت واكتملت ونضجت ثمرتُها فانتقلت من دار إلى دار. . . وباحت بمكنونها إلى زوجها الشاب واستمعت إلى نجواه. . . وعرفت دنيا جديدة!. . أتراها تذكر اليوم أمها؟. . . أَلاَ إن أمها لقانعةٌ راضية بما بلغتْ من أمانيها. . لقد تحققت لها أمنية من

<<  <  ج:
ص:  >  >>