للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإسلام والنظام العالمي الجديد]

للأستاذ عباس محمود العقاد

في سنة ١٨٨٩، ظهر في بنجاب بالهند، ميرزا غلام أحمد القادياني صاحب الطريقة القاديانية المشهورة، وأخذ - وهو في الخمسين من عمره - ينشر تلك الطريقة التي تشتمل على عقائد كثيرة لا يقرها الإسلام، ولا يقبلها دين من الأديان الكتابية، ومن ذلك أنه هو نبي الله المرسل وأنه عيسى بن مريم قد بعث إلى الأرض في جسد جديد!

وفي سنة ١٩١٤ تطورت تلك الطريقة إلى حركة إسلامية تنكر نبوة القادياني، وتنكر الحكم بالكفر على من يؤمن بالقرآن ورسالة محمد عليه السلام كائنا ما كان الخلاف بينه وبين الشيع الدينية الأخرى، وتحول إلى هذه الحركة كثير من اتباع القادياني وكثير من طلاب التجديد بين السنيين والشعيين، وظهرت لهم كتب كثيرة، باللغة الأردية واللغة الإنجليزية في التبشير بالإسلام، ومع ترجمة خاصة للقرآن الكريم، وتواريخ موجزة للنبي وخلفائه الراشدين.

وليست تفسيرات هذه الجماعة للكتاب والسنة بالتي توافق مذاهب الفقهاء المتفق عليها، لأنها تصرف معاني القرآن إلى تأييد أقوال لم تخطر للأولين على بال، وليست من مقتضيات الدين في رأي الأقدمين أو المحدثين.

ولكن الحق الذي لا مراء فيه أن هذه الطائفة هي أوفر المسلمين نشاطا، وأشدهم دفاعا عن العقائد الإسلامية، وأكثرهم اجتهاداً في نشر فضائل الدين واعرفهم بالأساليب التي توجه بها الدعوة إلى العقول الأوربية، وإلى جماهير المتعلمين في الشرق والغرب على الإجمال.

وهم يحسنون انتهاز الفرص من الحركات العالمية والدعوات الثقافية حيثما ظهرت في قطر من أقطار المعمورة، فيدركونها في أبانها بكتاب يثبتون فيه أن الإسلام اصلح من تلك الدعوة لعلاج المشكلة التي تتصد لعلاجها، ويقرنون ذلك دائما بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والشواهد التاريخية، وان فسروها بعض الأحيان تفسيرا لا يقرهم عليه السلفيون أو المتزمتون.

فلما دعا النازيون والشيوعيون إلى (نظام عالمي جديد) لإنقاذ العالم من معضلاته الروحية والسياسية والاقتصادية بادر كاتب من اقدر كتاب هذه الجماعة إلى تفصيل موقف الإسلام

<<  <  ج:
ص:  >  >>