يوماً بعد يوم يتبين أن هنالك طريقاً معيناً للشعوب الإسلامية كلها في هذه الأرض، يمكن أن يؤدي بها إلى العزة القومية، وإلى العدالة الاجتماعية، وإلى التخلص من عقابيل الاستعمار والطغيان والفساد. . طريقاً وحيداً لا ثاني له، ولا شك فيه، ولا مناص منه. . طريق الإسلام، وطريق التكتل على أساسه.
إن أحداث العالم، وملابسات الظروف، وموقف الشعوب الإسلامية. . كلها تشير إلى هذا الطريق الوحيد، الذي لا تمليه عاطفة دينية، ولا تحتمه نزعة وجدانية. إنما تمليه الحقائق والوقائع، ويمليه الموقف الدولي، ويمليه حب البقاء، وتلتقي عليه العاطفة والمصلحة، ويتصل فيه الماضي بالحاضر، وتشير إليه خطوات الزمن، ومقتضيات الحياة.
لقد أكلنا الاستعمار الغربي فرادى، ومزقنا قطعاً ومزقاً يسهل ازدرادها، وأرث بيننا الأحقاد والمنافسات لحسابه لا لحسابنا، وجعل له في كل بلد إسلامي طابوراً خامساً، ممن ترتبط مصالحهم بمصالحه، وممن يرون أنفسهم أقرب إلى هذا الاستعمار منهم إلى شعوبهم وأوطانهم؛ وأقام أوضاعاً معينة في كل بلد إسلامي تسمح له بالتدخل، وتملي له في البقاء، وتضمن له أنصاراً وأذناباً في كل مكان.
فإلى أين نتجه لنكافح الاستعمار وأذنابه وأوضاعه؟ إن أناساً من المخدوعين والمغرضين، يدعوننا أن نتجه إلى الكتلة الشرقية. الكتلة الشرقية التي تمحو الإسلام والمسلمين محواً منظما ثابتاً في أرضها، منذ أن استقرت فيها الشيوعية، والتي تتخذ مع المسلمين في أرضها من وسائل الإفناء المنظم ما لم يعرفه التتار ولا الصليبيون في أشد عصورهم قسوة وفظاعة.
لقد كان عدد السكان المسلمين في الأرض الروسية اثنين وأربعين مليوناً عند ابتداء الحركة الشيوعية، فتناقص عددهم تحت مطارق الإفناء المنظم، والقتل والتجويع والنفي إلى سيبريا حتى وصلوا في خلال ثلاثين عاماً فقط إلى ستة وعشرين مليوناً. . ستة عشر مليوناً من المسلمين في الأرض الروسية وحدها قد أبيدوا. . أما في الصين الشيوعية فالمأساة تتكرر الآن في تركستان الشرقية، بنفس الوسائل ونفس الشناعة. . وفي يوغوسلافيا تتم حركة