[الشك لا يهدي]
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
- ١ -
رأيتُ الهدى في الشكّ والشك لا يهدي ... كأنيَ بالظلماء قد كنتُ أستهدي
فطوراً أقول الروح كالجسم هالك ... وطوراً أقول الهُلكُ عنه على بعد
فيالك من شك يبرّح بي ولا ... يبارحني حتى أُسّدَ في لحدي
وإنيَ لا أدري أرشديَ كان في ... ضلاليَ هذا أم ضلاليَ في رشدي
أأفقد جسمي وحده عند ميتتي ... أم الروح مثل الجسم يشمله فقدي
أروحٌ وجسمٌ أم هو الجسم وحده ... يحرّكني فيما يضلّل أو يهدي
أعذّب حوبائي بما أنا فاكرٌ ... كأنيَ من أعداء حوبائيَ اللُدّ
- ٢ -
إذا كان روحي مثل جسمي يَهلك ... فأني لأبكي في مصابي وأضحك
ولو خيروني بين تركي لواحد ... فأني لجسمي دون روحيَ أترك
يحرّك روحي الجسمَ وهو يحلّه ... فمن ذا لهذا الروح فيَّ يحرّك
وقبل وجودي أين كان مكانه ... فهذا هو الشيء الذي لستُ أدرك
وقد يستطيع الروحُ حلاً لمشكلي ... ولكن مجالُ الروح في الجسم يضنك
وأطلب من عقلي الهدى في ضلالتي ... ومن أين يعطي العقلُ ما ليس يملك
دع الموتَ يأتي فتكه بهما معاً ... كما كان هذا الموت بالناس يفتك
- ٣ -
عهدتك يا روحي إلى الحق تجنح ... فهل بجواب إن سألتك تسمح
تقول سأبقى بعد موتك خالداً ... أأنت تريد الجدَّ أم أنت تمزح
فإن كان جداً ما تقول فما الذي ... ستصنع بعدي يومَ مني تبرح
تجيب وقد يُغرى جوابك قائلاً ... سألحق أرواحَ الذين تطوحوا
وإن الفضاء الرحبَ ما زال طافحاً ... بأرواح موتى في السموات تسبح